تعتبر سنة 2009 رمزا بما انها السنة التي ينعقد بها القرن الرابع على الهجرة الاندلسية الكبرى التي تكثفت عام 1609 وفي هذا الظرف هناك عدة اسئلة تفرض نفسها منها: من هم الموريسكيون؟ وما علاقتهم ببلادنا؟ وكيف اندمجوا في مجتمعنا؟ وما الذي اتوا به من الاندلس؟ وهل شكلوا عبء على بلادنا؟ أم بالعكس كانت لهم بصماتهم الواضحة والطيبة في الماضي والحاضر؟..
إن المتمعن في الخطوط الكبرى لتاريخ البلاد التونسية يلاحظ ان هناك فترتين متباعدتين لكن الارتباط بينهما متين جدا...!
- الاولى: تتمثل في قيام بضعة الاف من جنود الشمال الافريقي (من العرب والبربر اساسا) بفتح منطقة هامة من جنوب شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير والامتزاج النسبي مع السكان المحليين في منطقة الاندلس التي قوي بها النفوذ العربي الاسلامي عسكريا واقتصاديا وعلميا وعمرانيا حيث اسسوا مدنا مثل :غرناطة وقرطبة واشبيلية وبلنسية وقشتالية وطليطلة وباجة وبلد الوليد وبنوا الجسور والقصور وعمّروا البوار واعتنوا بالفلاحة والصناعة وازدهرت الفنون بأنواعها حتى صار يطلق على الاندلس بالفردوس...
- الثانية: وخلالها ضعفت السلطة العربية الاسلامية وتشتت مما مكن الاسبان من استرجاع النفوذ بعد فترة طويلة دامت قرابة ستة قرون فاضطر الكثير من العرب المسلمين الى مغادرة الاندلس (الفردوس... المفقود...) وذلك على دفعات وتكثفت هجرتهم اثر سقوط غرناطة سنة 1492 م وسجلت سنة 1609 منعرجا هاما باصدار الملك فيليب الثالث لقرار يتمثل في تهجير كل من لم يتنصر مستعينا في ذلك بمحاكم التفتيش رغم محاولة العرب المسلمين المقاومة بشتى الطرق وقد مروا بمرحلة استعمال الاعجمية (الخميا) اي التحدث بالاسبانية والكتابة بالعربية مع التظاهر بالتنصّر...!
الموريسكيون والبلاد التونسية
من بين الوجهات التي قصدها المهاجرون الاندلسيون (او الموريسكيون) بلاد المغرب العربي اي اساسا المغرب الاقصى والجزائر وتونس وقد بلغ عددهم في بلادنا ما يناهز ثمانين الفا سنة 1609 وقد سهل لهم عثمان داي ثم يوسف داي الانتصاب حيث شاؤوا ورحّب بهم السكان التونسيون واوسعوا لهم فأسسوا عدة قرى ومدن يقارب عددها العشرين منها، بعض الاحياء بالعاصمة وببنزرت (حندلس) اضافة الى رأس الجبل ورفراف والعالية والماتلين وقلعة الاندلس بشواطئ بنزرت وسليمان وقرمبالية وبلي وتركي بالوطن القبلي وقربها زغوان اما بحوض مجردة فقد اسسوا الجديدة والبطان وطبربة وقريش الوادي قرب مجاز الباب والسلوقية وتستور وهي اكبرها واكثرها محافظة على الموروث الحضاري الاندلسي المادي واللامادي (او المعنوي).
وبعد ان عاشوا في انغلاق كبير اختلطوا بالعائلات التونسية الاخرى بالتزاوج والتصاهر.
من الألقاب الأندلسية
من الالقاب الاندلسية العربية الصرفة: جهين - بوريقة- ابن موسى- ابن عاشور- ابن الشيخ- الجورشي- ابن فايزة- ابن هجالة- بكيل- الخميسي- التردي- الحماص- زعفران- الطبيب- رمتانة- صاي- الكاشبي- كامش- كتلان- الكوخ- ملاح- دخيل- هشيش- الهنديلي- التيبلي- رباح- شوشان...
ومن ألقابهم العربية المحرّفة والمائلة اكثر الى الاسبانية: ماركو ـ مركيكو ـ رشيكو- مريشكو ـ صانشو ـ صحابو ـ حبابو ـ بوتريكو ـ كشتيلو ـ نيقرو ـ بنتيرو ـ كريستو ـ كوندي ـ بنتور ـ باتيس ـ زبيس ـ درمول ـ متينش ـ روي ـ قسطلي ـ الكانتي ـ قرميط ـ صراطة..
التلاقح والتراشح
إن الموريسكيين الذين حلّوا ببلادنا كان الاولون منهم رجال علم وثقافة واستوطنوا اساسا العاصمة الا ان الذين جاؤوا بعدهم كانوا من الصناعيين (الخزف والجليز والشاشية والشعر والجلود والحلي والآلات الفلاحية كالمحاريث والناعورات ووسائل النقل كالكريطة والدفعة الاخيرة معظمها من المتعلقين بالارض اي من الفلاحين وقد كانت لهم اضافات عديدة في هذا الميدان خاصة طرق الري وجلبوا مشاتل جديدة او محسنة تتعلق اساسا بالزعفران والمشمش والرمان والسفرجل والزيتون والنارنج والتوت والخوخ والتفاح والاجاص والبرزقان.
ومن ناحية اخرى استعملوا تقنيات في التعمير والبناء فيها الكثير من الحديث وقتها مثل القرميد المجوف والاجر الملآن وكانت لمنازلهم ميزات خاصة فتبادرك السقيفة ثم الصحن الواسع (حيث توجد عدة غراسات مثل الياسمين والفل والنارنج والقرنفل والحبق والورد والحناء والنسري...) والغرف المستطيلة المتقابلة وبها السدة المبنية وتحتها المقصورة... وفوق الغرف العلي (وهو طابق اول تخزن به المواد الغذائية كالقمح والشعير والحمص والفول والزيت والزيتون والملوخية والفلفل ومصبرات الجزر واللفت والمسمى بالطرشي...)
والجانب الخلفي من المسكن الاندلسي يدعى الكران وهو مخصص لتربية بعض الحيوانات وللاحتفاظ بما زاد عن الحاجة كما يصلح لخزن الفحم والحطب والادوات الفلاحية...
إن المتمعن في الخطوط الكبرى لتاريخ البلاد التونسية يلاحظ ان هناك فترتين متباعدتين لكن الارتباط بينهما متين جدا...!
- الاولى: تتمثل في قيام بضعة الاف من جنود الشمال الافريقي (من العرب والبربر اساسا) بفتح منطقة هامة من جنوب شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير والامتزاج النسبي مع السكان المحليين في منطقة الاندلس التي قوي بها النفوذ العربي الاسلامي عسكريا واقتصاديا وعلميا وعمرانيا حيث اسسوا مدنا مثل :غرناطة وقرطبة واشبيلية وبلنسية وقشتالية وطليطلة وباجة وبلد الوليد وبنوا الجسور والقصور وعمّروا البوار واعتنوا بالفلاحة والصناعة وازدهرت الفنون بأنواعها حتى صار يطلق على الاندلس بالفردوس...
- الثانية: وخلالها ضعفت السلطة العربية الاسلامية وتشتت مما مكن الاسبان من استرجاع النفوذ بعد فترة طويلة دامت قرابة ستة قرون فاضطر الكثير من العرب المسلمين الى مغادرة الاندلس (الفردوس... المفقود...) وذلك على دفعات وتكثفت هجرتهم اثر سقوط غرناطة سنة 1492 م وسجلت سنة 1609 منعرجا هاما باصدار الملك فيليب الثالث لقرار يتمثل في تهجير كل من لم يتنصر مستعينا في ذلك بمحاكم التفتيش رغم محاولة العرب المسلمين المقاومة بشتى الطرق وقد مروا بمرحلة استعمال الاعجمية (الخميا) اي التحدث بالاسبانية والكتابة بالعربية مع التظاهر بالتنصّر...!
الموريسكيون والبلاد التونسية
من بين الوجهات التي قصدها المهاجرون الاندلسيون (او الموريسكيون) بلاد المغرب العربي اي اساسا المغرب الاقصى والجزائر وتونس وقد بلغ عددهم في بلادنا ما يناهز ثمانين الفا سنة 1609 وقد سهل لهم عثمان داي ثم يوسف داي الانتصاب حيث شاؤوا ورحّب بهم السكان التونسيون واوسعوا لهم فأسسوا عدة قرى ومدن يقارب عددها العشرين منها، بعض الاحياء بالعاصمة وببنزرت (حندلس) اضافة الى رأس الجبل ورفراف والعالية والماتلين وقلعة الاندلس بشواطئ بنزرت وسليمان وقرمبالية وبلي وتركي بالوطن القبلي وقربها زغوان اما بحوض مجردة فقد اسسوا الجديدة والبطان وطبربة وقريش الوادي قرب مجاز الباب والسلوقية وتستور وهي اكبرها واكثرها محافظة على الموروث الحضاري الاندلسي المادي واللامادي (او المعنوي).
وبعد ان عاشوا في انغلاق كبير اختلطوا بالعائلات التونسية الاخرى بالتزاوج والتصاهر.
من الألقاب الأندلسية
من الالقاب الاندلسية العربية الصرفة: جهين - بوريقة- ابن موسى- ابن عاشور- ابن الشيخ- الجورشي- ابن فايزة- ابن هجالة- بكيل- الخميسي- التردي- الحماص- زعفران- الطبيب- رمتانة- صاي- الكاشبي- كامش- كتلان- الكوخ- ملاح- دخيل- هشيش- الهنديلي- التيبلي- رباح- شوشان...
ومن ألقابهم العربية المحرّفة والمائلة اكثر الى الاسبانية: ماركو ـ مركيكو ـ رشيكو- مريشكو ـ صانشو ـ صحابو ـ حبابو ـ بوتريكو ـ كشتيلو ـ نيقرو ـ بنتيرو ـ كريستو ـ كوندي ـ بنتور ـ باتيس ـ زبيس ـ درمول ـ متينش ـ روي ـ قسطلي ـ الكانتي ـ قرميط ـ صراطة..
التلاقح والتراشح
إن الموريسكيين الذين حلّوا ببلادنا كان الاولون منهم رجال علم وثقافة واستوطنوا اساسا العاصمة الا ان الذين جاؤوا بعدهم كانوا من الصناعيين (الخزف والجليز والشاشية والشعر والجلود والحلي والآلات الفلاحية كالمحاريث والناعورات ووسائل النقل كالكريطة والدفعة الاخيرة معظمها من المتعلقين بالارض اي من الفلاحين وقد كانت لهم اضافات عديدة في هذا الميدان خاصة طرق الري وجلبوا مشاتل جديدة او محسنة تتعلق اساسا بالزعفران والمشمش والرمان والسفرجل والزيتون والنارنج والتوت والخوخ والتفاح والاجاص والبرزقان.
ومن ناحية اخرى استعملوا تقنيات في التعمير والبناء فيها الكثير من الحديث وقتها مثل القرميد المجوف والاجر الملآن وكانت لمنازلهم ميزات خاصة فتبادرك السقيفة ثم الصحن الواسع (حيث توجد عدة غراسات مثل الياسمين والفل والنارنج والقرنفل والحبق والورد والحناء والنسري...) والغرف المستطيلة المتقابلة وبها السدة المبنية وتحتها المقصورة... وفوق الغرف العلي (وهو طابق اول تخزن به المواد الغذائية كالقمح والشعير والحمص والفول والزيت والزيتون والملوخية والفلفل ومصبرات الجزر واللفت والمسمى بالطرشي...)
والجانب الخلفي من المسكن الاندلسي يدعى الكران وهو مخصص لتربية بعض الحيوانات وللاحتفاظ بما زاد عن الحاجة كما يصلح لخزن الفحم والحطب والادوات الفلاحية...
إضافات حضارية خاصة في الأفراح والأتراح
لايختلف اثنان في ان للاندلسيين اضافات حضارية اخرى منها تعاطيهم لعدة فنون لعل اهمها المالوف (والموشحات) وهو عنصر اساسي في حياة الموريسكيين الذين مازالوا ينشدون نوباته الجميلة وهو الفن الذي يواصل صموده الى اليوم ويقام له ببلادنا مهرجان دولي في كبرى المدن الاندلسية التونسية اي تستور وذلك كل صائفة.
وفي الميدان الغذائي هناك انواع من الاكلات الخاصة التي جلبها الاندلسيون ومازالوا يتلذذون بها ومنها:
- الحلوة: مثل السفنج والمتسمنات والعجة الحلوة والمرقة الحلوة وكعك الورقة..
- والمالحة: كالبناضج والكسالس والحلالم والنواصر والمقرونة البيضاء... اضافة الى بعض المنتوجات الفلاحية الاخرى كالعسل والجبل التستوري...
ومما تجدر الاشارة اليه ان الاندلسيين واصلوا الاعتناء بالنسيج والخياطة والتطريز مثل الشاشية والجبة وتوابعها والكبوس الغارق والتكة والسروال الفضفاض والفوطة والبلوزة...كما ان لهم العابا طريفة مثل الذي زال كمصارعة الثيران والدردك والذي مازال تعاطيه موجودا مثل دق المغزل والخاتم وديما ديفو وغميض غزال وعملة ياباتيس...
ولهم عادات خاصة في الافراح وتقاليد مختلفة في الاتراح فالعرس يدوم اكثر من اسبوع ومن عناصره الاساسية: القفة، التعليقة، الفرش، الحنة، الحمام، الصبايا، الحجامة، المرواح، الصباح، السابع.
وفي الاتراح مواكب قبل الدفن وبعده وفي المنزل والشارع والجامع والمقبرة على امتداد ثلاثة ايام تنشطها الفرق الطرقية بقصائد طريفة تخفف اللوعة والاسى تمهيدا الى العودة الى الحياة العادية تدريجيا
لايختلف اثنان في ان للاندلسيين اضافات حضارية اخرى منها تعاطيهم لعدة فنون لعل اهمها المالوف (والموشحات) وهو عنصر اساسي في حياة الموريسكيين الذين مازالوا ينشدون نوباته الجميلة وهو الفن الذي يواصل صموده الى اليوم ويقام له ببلادنا مهرجان دولي في كبرى المدن الاندلسية التونسية اي تستور وذلك كل صائفة.
وفي الميدان الغذائي هناك انواع من الاكلات الخاصة التي جلبها الاندلسيون ومازالوا يتلذذون بها ومنها:
- الحلوة: مثل السفنج والمتسمنات والعجة الحلوة والمرقة الحلوة وكعك الورقة..
- والمالحة: كالبناضج والكسالس والحلالم والنواصر والمقرونة البيضاء... اضافة الى بعض المنتوجات الفلاحية الاخرى كالعسل والجبل التستوري...
ومما تجدر الاشارة اليه ان الاندلسيين واصلوا الاعتناء بالنسيج والخياطة والتطريز مثل الشاشية والجبة وتوابعها والكبوس الغارق والتكة والسروال الفضفاض والفوطة والبلوزة...كما ان لهم العابا طريفة مثل الذي زال كمصارعة الثيران والدردك والذي مازال تعاطيه موجودا مثل دق المغزل والخاتم وديما ديفو وغميض غزال وعملة ياباتيس...
ولهم عادات خاصة في الافراح وتقاليد مختلفة في الاتراح فالعرس يدوم اكثر من اسبوع ومن عناصره الاساسية: القفة، التعليقة، الفرش، الحنة، الحمام، الصبايا، الحجامة، المرواح، الصباح، السابع.
وفي الاتراح مواكب قبل الدفن وبعده وفي المنزل والشارع والجامع والمقبرة على امتداد ثلاثة ايام تنشطها الفرق الطرقية بقصائد طريفة تخفف اللوعة والاسى تمهيدا الى العودة الى الحياة العادية تدريجيا
المصدر: جريدة الحرية
0 commentaires :
Post a Comment