--------------- - - -

Aug 31, 2010

بين إسبانيا القرن 16 و 17، وفرنسا الساركوزية











31/08/2010
نتمنى أن لا تكون "فرنسا الساركوزية"، إلا مُجرد سطر قصير في تاريخ فرنسا الحرة

بغض النظر عن موقفي الشخصي من موضوع النقاب، فإنني هذه الأيام و بينما كنت أقرأ أحد تقارير محاكم التفتيش التي تعود إلى سنة 1520، و هو تقرير لمحكمة التفتيش بغرناطة، يحظر على الموريسكيين مجموعة من العادات التي "وصل إلى رجال هذه المحاكم أنها مُحمدية"، وجدتُ أنهُ من بين المحضورات أن تضع نساء "المسيحيين الجدد" أي الموريسكيين، رداءً على رؤسهن، أو ما كما يسميها التقرير"ملحفة"، كما يحظر على هؤلاء الموريسكيات تعليق "يد فاطمة" أو ما يعرف في تونس "بالخمسة"، إضافةً إلى عديد الأوامر الأخرى المُتعلقة بالتفاصيل الدقيقة للباس هؤلاء.

هكذا و بينما كنتُ أقرأ هذا التقرير، إذ بخبر في قناة 24 الفرنسية حول قرار ترحيل الغجر من فرنسا، رُبما تكون مُصادفة غريبة، "التاريخ يعيد نفسه" بعد ما يقارب أربعمائة سنة، لكنهُ و كالعادة يعيدُ نفسه في شكل مأساة.

بعد خمسمائة سنة ظننا فيها أن البشرية قد تطورت، و بلغت مراحل مُتقدمة من إحترام حقوق الإنسان، إذا بفرنسا ساركوزي، مازالت تتغبط في القرون المظلمة، و ترتكب نفس أخطاء إسبانيا القرن 16 و 17م.

اليوم فرنسا كلها تنام و تستيقظ تحت عنوان واحد، هو "الهوية الوطنية"، فرنسا التي رفعت ثورتها شعار الحرية، العدالة و الأخوية الإنسانية، تطرح اليوم قضيةً طرحتها إسبانيا طيلة القرن 16 و بداية القرن 17م، نعم محاكم التفتيش ضد اليهود و المُسلمين، المنع، التعذيب، التنصير القسري، قرارت الملوك المُتتالية...، كلها كانت بهدف المُحافظة على الهوية الإسبانية الواحدة، تحت عنزان "ملك واحد، إسبانيا واحدة" هدف جعل إسبانيا تضحي بحوالي 3 بالمائة من سكانها، كما يؤكد العديد من المُختصين، من خلال قرار الطرد الذي بدأ تنفيذهُ سنة 1609 و تواصل إلى تقريبًا إلى سنة1614، و يا لهُ من شبه بين المُرحلين الغجر، و أولائك الموريسكيين.

كما أن الشبه كبير بين المُهاجرين ذوي الأصول العربية و الإفريقية و الموريسكيين، فكما حاولت السلطة الإسبانية بالقوانين المُختلفة أن تقضي على الهوية الموريسكية، و التي هي في الحقيقة ليست هوية عربية أو إسلامية، بل هي هوية في حد ذاتها، مزيج من الإسبانية المسيحية و العادات المحلية الأندلسية و الإسلامية..، فها هي "فرنسا الساركوزية" تحاول القيام بنفس الشيء من خلال القوانين التي سُنت، و القوانين التي تتوعدُ بسنها في هذه الحملة المجنونة، الباحثة عن قولبة الهوية الوطنية، هذا البحث الذي و كما يؤكد الإسبان أنفسهم قد أغرق إسبانيا في التدهور، و حولها من إمبراطورية مُمتدة، إلى مُجرد دولة فاشية، تمتلئ خزائنها لا بالذهب القادم من بلدان ما وراء المُحيط، بل بألاف تقارير محاكم التفتيش، ورماد الساحرات، واليهود، المُوريسكيين...

نتمنى أن لا يكون لفرنسا نفس المصير، أن لا تمتلئ أرشيفاتُها بمُحاكمات المهاجرين الشرعيين أو غير الشرعيين، نتمنى أن يكون لفرنسا رؤية أوضح من إسبانيا القرن 16 و 17، أن تدرك أن الهوية ليست قالبًا تسطرهُ القوانين، بل هي ما عليه فرنسا و كفى، بمسيحييها، بيهودها بمسلميها، بالعرب بالأفارقة، الغجر...، نتمنى أن لا تكون "فرنسا الساركوزية"، إلا مُجرد سطر قصير في تاريخ فرنسا الحرة

المصدر: الموريسكيون في تونس

0 commentaires :

Post a Comment

Copyright © Los Moriscos De Túnez الموريسكيون في تونس | Powered by Blogger

Design by Anders Noren | Blogger Theme by NewBloggerThemes.com