عبد الواحد أكمير
مدير مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات
وأستاذ تاريخ وحضارة الأندلس، جامعة محمد الخامس - الرباط
بقي الموروث الأندلسي نسياً منسياً في الذاكرة والثقافة العربية منذ نهاية القرن الخامس عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر، بحيث لم يكن يتجاوز ذكره إشارات مبعثرة في كتب الأدب والفقه والتاريخ والرحلات السِفارية. وكان الاستثناء الوحيد الذي يمكن اعتباره كتاباً متخصصاً في الثقافة الأندلسية طوال هذه المرحلة الطويلة، هو نفح الطيب الذي ألفه المقري في الثلث الأول من القرن السابع عشر. ولملء هذا الفراغ، كان لزاماً انتظار القرن العشرين، الذي تجدد معه حضور الأندلس في الذاكرة الجماعية العربية، وفي الوقت نفسه، سيظهر اهتمام علمي من طرف المثقفين العرب بتخصصاتهم المختلفة، بهذا الموروث الحضاري. لماذا انبعث هذا الاهتمام بشكل نكاد نقول إنه مفاجئ؟ هل هو نتيجة ظهور نخبة ثقافية للموروث؟ وكيف تمثلت تلك النخبة هذا الموروث؟ وهل حاولت أن تعثر من خلاله في " مُكْتَشِفة" الماضي على ما لم تعثر عليه في الحاضر؟ ذلك ما سنحاول مناقشته في هذا البحث، الذي قسمناه قسمين؛ يتناول الأول الأندلس في الذاكرة العربية، ويتناول الثاني الأندلس في الكتابات العربية؛ والتي ميزنا فيها حقولاً معرفية من إبداعية مختلفة، هي: التاريخ والأدب والمسرح والفلسفة. وقد انتقينا لأجل ذلك مجموعة من الأعمال أخذناها كنموذج للتحليل؛ إما سبب طول باع أصحابها وعمق درايتهم بالموضوع، وإما لأنهم أول من كتب في القرن العشرين عن حقل من حقول المعرفة الأندلسية، وإما لأنه تيسر لنا الوصول إلى إنتاجهم الثقافي، ولم يتيسر لنا الوصول إلى إنتاج غيره
المصدر: مجلة المستقبل العربي، عدد 450، سنة 2016
0 commentaires :
Post a Comment