أستاذ مُساعد بقسم التاريخ، جامعة صفاقس، تونس
باحث زائر بجامعة هارفارد، الولايات المُتحدة الأمريكية
من الجميل والمُبهج أن يكُون هُناك نقاش بين الباحثين وبين أجيال مُختلفة، خصوصًا في عالمنا العربي الذي يغيبُ عنهُ في الغالب النقاش العلمي الرصين، وتحكمهُ الأهواء والذوات المُتضخمة. وفي هذا الصدد "شرّفنا" الأستاذ قاسم السامرائي بكتابة مقال شمل "بالنقد" تحقيقنا لكتاب "ناصر الدين على القوم الكافرين: نسخة مكتبة جامع الأزهر"، الصادر سنة 2015، وعنّون مقالهُ بـ: "بكتاب ناصر الدين على القوم الكافرين لأحمد بن قاسم الحجري الأندلسي...بين التحقيق النقدي العلمي والتحقيق التجاري" )منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، 2017، صص250-233)
يُشيرُ الأستاذ السامرائي في بداية مقالهِ "النقدي" إلى المجهود الكبير الذي يبذلهُ الباحث في تحقيق أي مخطوط، ويُصرح بأن هدفهُ ليس التجريح أو البخس فيقول:"وأودُ أن أوضح مُقدمًا بأنني لستُ معنيًا هنا في نقد أو تجريح أحد من المُحققين أو أن أبخس حقوقهم في ما حققوهُ، فإن كل واحد منهم بذل ما في وسعه من الجهد فأحسن أو أساء...فلم يسلم نصٌ محققٌ في الوجود من خطأ أو وهم أو عُوار...".
لكن للأسف هذا ما فعلهُ بالضبط مع تحقيقنا، حيث جعل تحقيقهُ هو والأستاذان الهولنديان خيررد فيخرز وبيتر شورد فان كوننكز الوحيد الذي لا تكادُ تشوبهُ شائبة، أوكما يسميه في العنوان: "التحقيق النقدي العلمي"، مُعطيًا بعض الفضل للأستاذ محمد رزوق الذي كان أول من حقق مخطوط دار الكُتب المصرية، ولكنهُ هو أيضًا لم يسلم من التهجُم، مُلمحًا إلى أنهُ في تحقيقهِ الثاني سنة 2004 قد عاد إلى تحقيق السامرائي وزملائه المنشور سنة 1997 ولكنهُ لم يذكر ذلك، وهو ما يُعتبر في المجال الأكاديمي "سرقة علمية". أتركُ للأستاذ رزوق الرد على هذه التهمة، التي أُنزههُ عنها، باعتباره من رواد البحث في موضوع الموريسكيين، وأول المُحققين اهتمامًا بالحجري ومخطوطه ناصر الدين على القوم الكافرين.
"شرّفنا" الأستاذ السامرائي بتخصيص الجانب الأكبر من مقاله "لنقد" تحقيقنا، فبدأ بالقول بأن النسخة التي اعتمدناها "مُختصرة وناقصة"، كأننا لم نُشر إلى هذا الموضوع في مُقدمة تحقيقنا، ولم نُؤكد أن الهدف من عملنا هو نشر النسخة المصرية أو الأزهرية من مخطوط ناصر الدين، أي النسخة الأولى، لنسمح للقارئ بمقارنتها مع النسخة التونسية المنشورة، وقد قمنا بالفعل بالمقارنة مع تحقيق الأستاذ رزوق من خلال الهوامش بالإشارة إلى مواضع الزيادة والنقصان.
كذلك يُعيب علينا الأستاذ السامرائي أننا في عملية المُقارنة لم نعُد لتحقيقه وزملائه المنشور سنة 1997، أو أننا عُدنا إليه، لكننا لم نُشر له صراحةً. في الحقيقة اختيار نسخة الأستاذ رزوق في عملية المُقارنة قام على أساس أنها آخِر تحقيق تم لكتاب ناصر الدين، أي سنة 2004، كما أنها منشورة في العالم العربي ومُتاحة للقارئ العربي، في حين أن تحقيق سنة 1997 منشور في إسبانيا وغير مُتاح كما يجب للقارئ العربي. أما الإشارة إلى أننا عُدنا لتحقيق السامرائي وزملائه ولم نُشر إليه صراحةً، فأظن أن لا شيء يدعونا للقيام بهذا الأمر، خصوصًا وأن اختيارنا قد كان منذ البداية على نسخة الأستاذ رزوق.
ثانيًا: يتطرق الأستاذ السامرائي لقسم الملاحق، مُحاولاً أن يبخسهُ حقهُ أو قيمتهُ، فيقول:"...وهذه الملاحق كلها معروفة ومنشورة" ص240، فيُشير إلى أن رسالة الحجري إلى الموريسكيين بإسطنبول قد نشرها الأستاذ خيررد فيخرز في سنة 1988 مُترجمة من الإسبانية إلى الانجليزية، ولا يُشير إلى أنها وكما أشرتُ في مُقدمة التحقيق قد نُشرت سنة 1996 في لغتها الإسبانية القديمة غير مُحققة، فهل يعني نشرُها مُترجمة للانجليزية غياب أي ضرورة أو فائدة لنشرها باللغة العربية ووضع حواشي لها؟ هل نتوقف عن تعريب الكُتب والمقالات المُترجمة من الإسبانية إلى الانجليزية؟ أترك للقارئ العربي الإجابة.
أيضًا يقول بأن رسالتّي الحجري التين أعدنا نشرهما منشورتان من قبل، وهو أمر أشرنا إليه وأحلنا للإحالة نفسها التي يُحيل إليها الأستاذ السامرائي. مرة أخرى أقول هدف الكتاب هو القارئ العربي، والرسالتان منشورتان في مقال باللغة الأنجليزية وأيضًا بدون حواشي، وبهما بعض الأخطاء في التحقيق، لذلك أعدنا نشرهما، ولا أظن أن الوثيقة التي نُشرت مرة لا يجبُ إعادة نشرها مرة أخرى.
كذلك يرى الأستاذ السامرائي أن لا فائدة من تحقيقنا لخاتمة كتاب: "العز والمنافع للمجاهدين في سبيل الله بالمدافع"، التي اعتمدنا في تحقيقها على نُسخة موجودة في الجزائر وأخرى في تونس)هذه الخاتمة لا توجد في كُل مخطوطات "العز والمنافع"(، مُؤكدًا أن إحسان الهندي قد نشر تحقيقًا لكُل الكتاب سنة 2013. في الحقيقة قبل إحسان الهندي بسنين عديدة، وبالتحديد في سنة 1950 تم نشر هذه الخاتمة وترجمتها للأنجليزية من قبل الأستاذ ليوناردو هارفي، لكن رأينا أنهُ من الواجب علينا إعادة تحقيقها لبعض أخطاء المُحقق الأول، ولتوفر نُسخ الخاتمة لدينا، أما أسبقية تحقيق إحسان الهندي فلا تمنع غيرهُ من التحقيق ولنا هنا مثال أسبقية الأستاذ رزوق في تحقيق مخطوط ناصر الدين ثم من تبعهُ من محققين على غرار الأستاذ السامرائي وغيرهِ.
ما غاب عن الأستاذ السامرائي وبالإضافة إلى كُل التوضيحات التي قدمتها فيما يتعلق بقسم الملاحق، أن الهدف منها هو جمع كتابات أحمد بن قاسم الحجري المُتفرقة، بتعريبها أو تحقيقها أو إعادة تحقيقها لتكون مُتاحة للقارئ في كتاب واحد، ما يجعل الوصول إليها ومُتابعة مسار المُؤلف أوضح وأسهل. وهنا أيضًا أترك للقارئ العربي أن يُقيم قيمة هذه الملاحق.
بعد ذلك يتوجه الناقد إلى ما يُسميها "الهفوات النحوية والتاريخية"، وكأن أي عمل لا يخلو من هذه الهفوات، مُستعرضًا بما لا يليق عضلاتهِ اللغوية، فبداية أجيبهُ بأني أستاذ تاريخ ولستُ أستاذ لغة عربية، ثم أن التدقيق اللغوي مسؤلية الناشر. أما الأخطاء "الشنيعة" التي تجعل سيد اللغة وملك التحقيق يدعو لمحاكمتنا لغويًا، مُتتبعًا الأخطاء بصفحاتها وحواشيها، أننا عِوض أن نكتُب "تسعًا وعشرين" كتبنا "تسع وعشرين"، وعِوض أن نكتُب "...حيثُ تعرف، كتبنا "...أين تعرف"، أو عِوض أن نكتب: "ذي أصل" كتبنا "ذو أصل". حقًا أخطاء شنيعة تجعل سيبويه يتقلبُ في قبرهِ مُحتارًا وخائفًا على مصير اللغة العربية من تطاولنا عليها.
أيضًا يستعرض الأستاذ السامرائي الكلمات التي لم نُوفق في قرائتها على غرار أننا قرأنا "...وخصوّا به أنفسهم" أنها "وحضّوا به أنفسهم" وغيرها من الكلمات التي كانت شديدة الغموض في المخطوط.
أما الهفوات التاريخية، فهي أننا قد أخطأنا في المكان الذي تعرف فيه الحجري على المستشرقين اربينوس وخليوس، حيث قلنا:
"بعد ذلك كلفه مولاي زيدان بمهمة المرافعة عن الموريسكيين الذين نهبهم ربابنة السفن الفرنسية ، فزار خلال هذه المهمة العديد من المدن الفرنسية، كباريس، بوردو وليون، والهولندية كأمستردام، لايدن ولاهاي، أين تعرف على المستشرقين الهولنديين: طوماس أربنيوس وياكوباس خوليوس".
فهل يُفهم من هذه الجملة ما معناهُ أنهُ تعرف على المستشرقين في لاهاي كما فهمها السامرائي أم أن المقصود أنهُ تعرف عليهما خلال المُهمة التي كلفهُ بها مولاي زيدان؟
الأمر الثاني أننا قد أخطأنا في ناسخ مخطوط الأزهر، فقلنا أنهُ الشيخ حسن بن محمد العطار، وهذا النقد في محلهِ، حيث أننا لم نوفق في تحديد الناسخ، لكن على الأقل ما يُحسبُ لنا أننا قد بيّنا أهمية اعتناء شيخ الأزهر حسن العطار بنسخة الحجري، وما يمكن أن يكون لمطالعتها من تأثير على أفكاره التنويرية، والإنفتاح على الآخر. هذه النقطة المهمة جدًا لا نجد لها أي إشارة في التحقيق الجديد للأستاذ السامرائي وزملائه.
يعود الناقد إلى الإشارة إلى أننا لم نُحسن قراءة بعض الكلمات التي تؤكد أن مخطوط جامع الأزهر ناقص، وكأننا مرة أخرى لم نُشر إلى ذلك في التقديم، ولم نطلع بصفة مباشرة –على عكس الأستاذ السامرائي الذي اكتفى بالنسخة الموجوة على شبكة الأنترنات- على كُل المُجلد الذي يضُم مخطوط ناصر الدين على القوم الكافرين بمكتبة جامع الأزهر، حيث ضم هذا المُجلد أيضًا رحلة العياشي...
أيضًا يلُوم علينا الناقد أننا قد وضعنا الإضافات والتصحيحات والتعاليق في الحواشي، وهو اختيار رأينا أنهُ أفضل لمُتابعة تطور النص، من الكتابة الأولية إلى الإضافة إلى التصحيح، والتعليق، كما أبرزنا كل مرة في الحواشي أهمية هذه التصحيحات وقيمتها.
في نهاية هذا المقال "النقدي" يختم الناقد بالقول أنهُ "منّ" علينا بأنهُ لم يُراجع إلا الهوامش ولم يتعرض للنص المُحقق. نطمأنهُ بأنهُ ربما سيجد أخطاءً في النص المُحقق، لكنهُ سيجد شجرة خضراء ذات أغصان وأوراق، ثرية بالتفسيرات وتعريفات الأماكن والأعلام والفهارس وغيرها، لا كالنص العربي في تحقيقهِ، المُفتقر بصفة تكاد تكون كلية لتعريف الأماكن والأعلام وغيرها من التعاليق والفهارس الضرورية في أي تحقيق.
هنا سأعود قليلاً لعملية التحقيق، فمخطوط جامع الأزهر كان موجودًا على شبكة الأنترنات مُنذُ على الأقل سنة 2005، وقد نشرتُ رابط تحميلهِ على مُدونتي "الموريسكيون في تونس" مُنذ سنة 2009، ورغم ذلك فإنهُ لم يلقى عناية من أي أحد ولم تتطرق لهُ أي دراسة تقريبًا، ثم وفي سنة 2012 وعندما كنت أقوم بتحقيق النسخة المصرية، علمتُ من الأستاذ خيررد فيخرز بأنهُ يقوم ومن معهُ بإعادة التحقيق. فماذا كان علي أن أفعل؟ أتوقف عن التحقيق، لأن الحجري ومخطوطاته مُلك لجماعة بعينها؟
التحقيق الجديد للأستاذ السامرائي ومن معهُ اجتمع حولهُ ثلاثة أساتذة أكفاء، تكاثفت جهودهم وتعاونوا على فك ألغاز المخطوط وترجمتهِ، وإصلاح أخطاء بعضهم البعض، وتلافي أخطاء التحقيق الأول، هو في مستوى المُقدمة المدونة باللغة الانجليزية مُمتاز وبه مُراجعة وافية وشافية للسيرة الذاتية للحجري وكتاباتهِ، وهنا أتسائل: أي دور للأستاذ السامرائي في هذه المُقدمة؟ وفي الحواشي المُضافة إلى النص الانجليزي؟ والترجمة؟ لا لشيء إلا لكي نعرف من نُناقش أو لمن نتوجه بالسؤال حول ما يسميها بـ "الهفوات التاريخية" أو عدم التوفيق في ترجمة بعض المعاني.
مثلاً من نُناقش حول هذه الترجمة:
النص العربي: "وأما الحوائج التي كانت مطروحة ببرضيوش التي نهب الرايس لأهل الحجر الأحمر، فاتصلنا به بعد أن جاز علينا نحو العام ونصف، بنحو ألف أوقية فضة على الحساب المغربي، والثلثين منها ذهب في ورق الخصام مع القضاة والكُتاب وغير ذلك".
أي المقصود أن التعويضات التي حصّلها الحجري للموريسكيين كانت حوالي 1000 أوقية، ثلُثاها تم أنفاقهُ في مصاريف القضية.
ولكن في النص الانجليزي نجد "الثلُثين"Tow-thirds قد أصبحت 30 وفعل "ذهب" بمعنى "أُنفق" Spent قد أصبح معناها "الذهب" Gold، ما أخل جوهريًا بالمعنى، فكانت ترجمة الأستاذ السامرائي وزملائه على الشكل التالي:
“…at the expenses of circa 1000 silver uqiya according to the Maghribi calculation, together with 30 of them in gold, [in payment] of the papers of complaint together with the judges, the secretaries, etcetera” (p.215)
ومن نُناقش في أن المقصود بأحمد الشريف الحنفي الذي بارك أو أجاز النسخة التونسية من كتاب ناصر الدين وترجمة كتاب العز والمنافع هو ليس كما ذُكر في تحقيق الأستاذ السامرائي وزملائه أحمد الشريف الحنفي الأندلسي ص72، بل هو المُفتي أحمد الشريف الحنفي التركي الذي تولى الإفتاء بعد وفاة أستاذهِ رُمضان أفندي، ثُم تلاهُ مصطفى بن مصطفى الزهري، كما يذكر حسين خوجة في ذيل بشائر أهل الأيمان والوزير السراج في حُللهِ، أما ما ذكرهُ بيرم الثاني في كتابه "شرح الشيخ بيرم الثاني على نظمة في المفتين الحنفية بتونس " المُتأخر عن حسين خوجة والسراج فهو لا يستند إلى أي مصدر تاريخي، وحتى مخطوطات أحمد الشريف الحنفي الاندلسي لا نجد فيها أي وصف لهُ بالمُفتي. )ناقشنا هذا الموضوع في رسالة الدكتوراه وفي مقالات أخرى وأحلنا بدقة على المراجع والمصادر التي اعتمدناها لتأكيد هذا الاستنتاج(.
كذلك في مقالهِ "النقدي" يقول الأستاذ السامرائي أنهُ قد: "تبين لنا أن الحجري كتب رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب قبل وصولهِ إلى مصر ولما قرأها على الشيخ الأجهوري المالكي، وجدها طويلة فطلب منهُ..." اختصارها ص234 ، أي أن تأليف كتاب الرحلة لم يُكن بطلب من الشيخ الأجهوري، ولم يكن في مصر، في حين أن الحجري يُؤكد بصريح العبارة أن التأليف كان في مصر وبطلب من الأجهوري، يقول: "…وطلب مني غير واحد من العُلماء أن أعمل تأليفًا بذلك، ولم يتفق العمل، إلى أن أمرني شيخنا وبركتنا بمصر المحروسة بالله الشيخ العلامة الشهير علمهُ وثناؤه في الأقطار والبُلدان: علي بن محمد المدعو زين العابدين بن الرحمن عبد الرحمن الأجهوري المالكي فأجبتهم بأكثر مما طلبوا، وجعلتُ التأليف رحلة، وسميتها برحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب".
من جهة أخرى في مقدمة تحقيق السامرائي وزملائهِ لم يقع تخصيص إلا تقريبًا ورقة ونصف للحديث عن مخطوط جامع الأزهر وإبراز قيمتهِ، فعلى الأقل كان يمكن للأستاذ السامرائي القول أن اجتهادي في أبراز قيمة هذا المخطوط كان عاملاً في العديد من القضايا التي طرحها في مقاله "النقدي"، ولم يتذكر طرحها في مُقدمة التحقيق الجديد.
أيضًا الترجمة الأنجليزية للنص ثرية بالهوامش والتفسيرات التي تغيب عن النص العربي الذي وقع فيه الإكتفاء بإصلاح بعض الأخطاء اللغوية، والمقارنة بين النُسخ، في حين غاب عنهُ – إلا في بعض المناسبات القليلة جدًا- التعريف بالأعلام والأماكن وغيرها من الأحداث التاريخية، وهو على حد علمي من أبجديات التحقيق، فكأن أصل النص أنجليزي والنص العربي ليس إلا ترجمة أو مُلحق بالنص الأنجليزي.
ليس لدي لا الوقت ولا الرغبة، ولا أعتبرهُ من أخلاقيات البحث العلمي أن أقوم بتقليب وتنفيض عمل غيري لأكشف العورات والأخطاء (ما ذكرتهُ من ملاحظات توقفتُ عليه من مطالعتي السريعة للتحقيق منذ حوالي سنة ومن مُطالعة المقال "النقدي")، ولا أُريد أن يتحول هذا الرد إلى نقد على "النقد التجاري"، والحقيقة أنني كنتُ سأكون سعيدًا جدًا بنقد الأستاذ السامرائي، وكان سيشرفني حقًا تخصيصهُ بعضًا من وقته الثمين لمُناقشة ما جاء في تحقيقي، لكن ما قام به ليس نقدًا، بقدر ماهو طعن، و"ترهيب"، فلم يرى من العمل إلا نقائصهُ، ولم يذكر لهُ ولو حسنة واحدة، أفلم يرى تعدُد الدراسات والمراجع التي عدنا إليها في عملية التحقيق وعشرات الهوامش التعريفية بالأعلام والأماكن المُستندة على أهم الدراسات العربية، الإسبانية، الفرنسية والأنجليزية؟ وهل يجدُ في الدراسات العربية وحتى المنشورة بلغات أخرى بيوغرافيا شاملة ودقيقة لحياة الحجري وقع الإعتماد في كتابتها على التحليل وعلى المُعطيات المنشورة حديثًا كالتي قدمنا بها التحقيق؟ وغيرها من الإستنتاجات أو الترجيحات التي تفتح الباب للنقاش.
أيضًا الترجمة الأنجليزية للنص ثرية بالهوامش والتفسيرات التي تغيب عن النص العربي الذي وقع فيه الإكتفاء بإصلاح بعض الأخطاء اللغوية، والمقارنة بين النُسخ، في حين غاب عنهُ – إلا في بعض المناسبات القليلة جدًا- التعريف بالأعلام والأماكن وغيرها من الأحداث التاريخية، وهو على حد علمي من أبجديات التحقيق، فكأن أصل النص أنجليزي والنص العربي ليس إلا ترجمة أو مُلحق بالنص الأنجليزي.
ليس لدي لا الوقت ولا الرغبة، ولا أعتبرهُ من أخلاقيات البحث العلمي أن أقوم بتقليب وتنفيض عمل غيري لأكشف العورات والأخطاء (ما ذكرتهُ من ملاحظات توقفتُ عليه من مطالعتي السريعة للتحقيق منذ حوالي سنة ومن مُطالعة المقال "النقدي")، ولا أُريد أن يتحول هذا الرد إلى نقد على "النقد التجاري"، والحقيقة أنني كنتُ سأكون سعيدًا جدًا بنقد الأستاذ السامرائي، وكان سيشرفني حقًا تخصيصهُ بعضًا من وقته الثمين لمُناقشة ما جاء في تحقيقي، لكن ما قام به ليس نقدًا، بقدر ماهو طعن، و"ترهيب"، فلم يرى من العمل إلا نقائصهُ، ولم يذكر لهُ ولو حسنة واحدة، أفلم يرى تعدُد الدراسات والمراجع التي عدنا إليها في عملية التحقيق وعشرات الهوامش التعريفية بالأعلام والأماكن المُستندة على أهم الدراسات العربية، الإسبانية، الفرنسية والأنجليزية؟ وهل يجدُ في الدراسات العربية وحتى المنشورة بلغات أخرى بيوغرافيا شاملة ودقيقة لحياة الحجري وقع الإعتماد في كتابتها على التحليل وعلى المُعطيات المنشورة حديثًا كالتي قدمنا بها التحقيق؟ وغيرها من الإستنتاجات أو الترجيحات التي تفتح الباب للنقاش.
أُؤمن بأن أي شخص ينشرُ كتابًا ويجعلهُ مُتاحًا لعموم القراء، عليه أن يتقبل النقد والنقاش، فكُل عمل إنساني هو ناقص بالضرورة، وأنا نفسي لم ولن أكون راضيًا تمامًا عن أعمالي، ولكن هذا النقد يجبُ أن يكون حقيقيًا، لا مُحاولة لاحتقار عمل الآخرين ونعتها "بالتحقيق التجاري"، أو عملية تُشبه إلى حدّ كبير محاولات الترهيب والاحتكار للمجال، كي لا يتجرأ أي أحد على الاشتغال على الموضوع، والنقاش الأكاديمي يجب أن يكون في مستوى الأفكار، لا وسيلة للترهيب والتهجُم المجاني، الذي لن يزيدني إلا إصرارًا، ورغبةً في مزيد الاشتغال على المُترجم والرحالة الموريسكي العظيم أحمد بن قاسم الحجري وكتاباتهِ والعمل على نشرها، تحقيقها، تعريبها وترجمتها للإسبانية، وربما لغيرها من اللغات. سيرة الحجري ليست حكرًا على أحد، وكتاباتهُ هي تراث لكل العالم ولكل الباحثين من كافة البلدان التي زارها أو لم يزُرها.
0 commentaires :
Post a Comment