تنسيق: أ. منير السّعيداني (مدير البرنامج البحثي
"المعارف والثّقافات والتغيّر الاجتماعيّ"، رئيس وحدةُ البحث في"
أُسس المعارف الحديثة وتقنياتها"، مخبر "بحوث في التّنوير والحداثة
والتنوّع الثّقافيّ" (LR13ES04)، المعهد العالي للعلوم
الإنسانيّة بتونس، جامعة تونس المنار)
أ. لطفي عيسى (كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بتونس،
جامعة تونس)، التنوع الثقافي: سياسة توظيف التاريخ وصياغة خطاب الحداثة من
منظور تونسي
ملخص: يخترق سؤال الانتماء حاضرا جميع المجتمعات البشرية وذلك بالتوازي مع
سيطرة الاقتصاد المعولم وثقافته وتشويشهما على جميع العناصر الواسمة للانتساب
ماضيا. وتجد جميع الايديولوجيات المحافظة في هذا المنزع تعلة كافية للدعوة إلى
التمسكّ المرضي بأصول نقية متوهّمة، تنمّ التعبئة بخصوصها عن سلوك طفوليّ لا تخطئه
كل عين بصيرة. وهذا بالضبط حالُ العديد من البلدان العربية التي طرحت داخلها مسألة
الهوية نفسها بشكل متشنّج، حتى وإن تم ذلك وفق معايير تبدو متباينة أحيانا. فبينما
تحوّل التنوع الثقافي إلى سمة تميّز الحياة المشتركة داخل مجالات واسعة من بلدان
العالم وخاصة في الديمقراطيات الأوروبية والأمريكية، فإن العديد من البلدان
المحسوبة على المجال العربي لا زالت تجد صعوبة كبيرة في إدراج مثل هذا البعد ضمن
واقعها اليومي. فجميع الايديولوجيات الوطنية كما تلك التي صدرت عن تصوّرات دينية
تتسم برفض التعدّد الفكري والدفع باتجاه هيمنة الأصول العربية أو/ والإسلامية على
مجمل التأويلات التي صاغها الإرث الثقافي، كما على كيفية تصريف الواقعين السياسي
والمجتمعي لمختلف البلدان المحسوبة اعتباريا على المجال العربي.
أثّر هذا الانكفاء بشكل سلبي في تمثل الغيرية بمختلف البلدان المتصلة
بهذا الفضاء، فقد اتسمت مرحلة ما بعد تصفية الاستعمار عربيا باتّباع سياسات عملت
بشكل واع على تهميش الأقلّيات العرقيّة وتقزيم الأقليات المليّة، في حين درجت
العديد من البلدان المتقدّمة أو الناهضة وبشكل متزامن تقريبا باتجاه وضع قوانين
تصون الاعتراف بالتنوّع الثقافي وتوسّع من قاعدة الاعتبار بذلك شرطاً من شروط
المواطنة و"العيش بذكاء"، في حين لا تزال أغلب البلدان العربية متمسّكة
وبشكل مرضي أحيانا بالبحث عن نقاء موهوم، حيث لا يزال السّجال حاميا حول مسألة
الهوية، وكأن تهميش الأقليات أو القضاء عليها لم يحلّ مثل تلك الورطة. بل إن حدّة
هذا السجال قد أدت إلى مزيد انقسام تلك المجتمعات بين المدافعين على انغراس تاريخ
العرب عامة والمغارب تخصيصا في التعدّد العرقي والديني، وبين الداعين إلى حضور
حالة من التجانس والاندماج بين جميع تلك المركّبات انتهت إلى الذوبان في هوية
واحدة أو موحِّدة.
تعيش النخب وأغلبية ساكنة المغارب حالة من التجاذب القوي بين هويّة
قابلة لاحتضان مختلف مستويات الانتساب في اتصالها بمختلف التطورات التاريخية وما
خلّفته من علامات لا زالت حاضرة راهنا، وبين ادعاء توصّل الثقافة العربية
الإسلامية إلى استيعاب مختلف العناصر الناظمة للانتماء أو لهوية أهل المغارب
برمتها. لكن ما الذي يعنيه مدلول "التونسة" في تمثّل من أوجدوا هذا
التصوّر سواء خلال مرحلة النضال ضد الاستعمار أو بعد تصفيته وبناء الدولة الوطنية
التونسية؟ حاول الفاعلون السياسيون وممثلو النخب المتعلّمة أيضا توضيح هذه مسألة
المتّصلة بالهوية الجماعية للتونسيين ضمن مختلف الآداب أو/ والخطابات التي ألفوها
في الغرض، وذلك منذ مرحلة ما قبل الاستقلال، على أن تتلوّن العودة إلى هذه المسألة
بعد الانقلاب الفارق لسنة2011 بتطوّر التصوّرات وتباين المشارب الفكرية والتعبيرات
الثقافية، وخاصة بعد أن أضحت حرية التعبير مكسبا مبذولا على الساحة العمومية.
تسمح مقاربة أربعة مستويات تتصل بالجذور العرقية البربرية والانتماء
إلى الديانة اليهودية والانتساب إلى المجال المتوسطي والأصول الافريقية، بتعيير
مدى اعتبار التونسيون بتنوّعهم الثقافي والتزامهم بذلك معيارا اجتماعيا يتعيّن
النضال من أجل إرسائه وترسيخه عميقا ضمن سجل تمثّلهم لما شكّل ويشكّل انتماءاتهم
الجمعية على الحقيقة.
أ. منصف التايب (كلية الآداب و الفنون والإنسانيات بمنوبة،
جامعة منوبة)، روابط الانتماء وأماكنه في تونس
الحديثة والمعاصرة
ملخص: تتمحور
المداخلة حول فكرة الانتماء ومسارات تشكلها التاريخي، والآليات التي استُعملت
للغرض، والفاعلين المشتركين في صياغتها وترويجها وكيفيات تقبّلها، وهي تنبني على
ثنائيات الداخل والخارج، والمركزي والمحلي، والقريب والبعيد، والغريب والمألوف.
تنقسم المداخلة إلى ثلاثة محاور أساسية، حيث يهتم المحور الأول بدراسة
روابط الانتماء وأماكنه في تونس الحديثة، في حين ينكب المحور الثاني على دراسة نفس
الروابط في تونس المعاصرة والراهنة. أما
المحور الثالث، فيقارب موضوع تداخل الأزمنة في علاقته بمسألة الانتماء.
ينصب اهتمامنا في تناول الفترة الحديثة على حزمة من الروابط والأماكن
المنتجة للانتماء، وهي على التوالي المخزن والزاوية والقبيلة. وفي صلبها نهتم
باستكشاف نوعية هذه الروابط وأماكنها، في تميزها وتنافرها وتماهيها من خلال الثنائيات
المذكورة أعلاه، أي ثنائيات الداخل والخارج، والمركزي والمحلي، والبعيد والقريب،
والغريب والمألوف. وتتناسل من حزمة الثنائيات هذه جملة من التمثلات والممارسات
التي شكلت وأعادت تشكيل ديناميكية الانتماء في تعرجاتها المجالية والتاريخية
والثقافية.
في المحور الثاني الخاص بالفترة المعاصرة، ندرس النماذج الجديدة والمتجددة للانتماء والتي
اختزلناها في مناويل الدولة والجمعية والحزب والنقابة وبالاعتماد على نفس المحددات
السالفة.
أما المحور الثالث فيكون بمثابة العنصر التحليلي والنقدي الذي يجلي
الغبار عن أوهام تحقق الحداثة في موضوع الانتماء ومواطن رخاوتها والثلمات والثغرات
التي تكتنفها وتحول دون تشكلها بالنظر إلى تداخل الأزمنة في جل الخطابات السياسية
وخوائها التاريخي والمعرفي وعجزها عن فهم السيرورة التاريخية باعتبارها تجاوزا
للماضي واستشرافا للقادم الذي هو بصدد التشكل.
المسألة إذن تتعلق بحاضر حائر ومحير مرتبط بقضية الانتماء التي نعيش
على إيقاعها الرتيب والمرتبك في آنٍ معًا.
أ.م. حسام الدين شاشية (كلية الآداب و العلوم الإنسانية
بصفاقس،جامعة صفاقس)، قراءة في رواية
انتماء الموريسكيين لتاريخ التونسيين من خلال الأبحاث التاريخية المُعاصرة
ملخص: على الرغم من أهمية أعداد
الموريسكيين الوافدين على البلاد التونسية، والذي تم تقديره ضمن الدراسات
المُخصّصة لوزنهم البشري بحوالي مائة ألف مُهجّر، أي ما يعادل حسب معظم الترجيحات
الـ 10 بالمائة من مجموع سُكان البلاد التونسية في بداية القرن السابع عشر،
وبالرغم من التأثير المؤكد لهؤلاء في إكساب ملامح خاصة للشخصية الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية لما يستقيم وسمه حاضرا بـ"الأمة التونسية"، فإن
أخبار أو روايات الهجرة والتوطين المتصلة بهذه المجموعات الوافدة ضمن المصادر
التونسية لم تشغل سوى شذرات ضنينة لم يتجاوز حجمها، وفي أحسن الأحوال، بعض الصفحات.
إذا ما تمعنّا في أهم مصادر أخبارنا عن التاريخ الموريسكي في تونس،
نجد أنّها بالأساس مصادر أجنبية (إسبانية، فرنسية)، كما أن كُل المؤلّفات التي
أنتجها الموريسكيون في تونس تقريبًا محفوظة بالمكتبات الأوروبية (إسبانيا،
وبريطانيا، وإيطاليا، فرنسا...)، هذا بالإضافة إلى أن الدّراسات الموريسكية في
تونس لم تعرف تطورًا ينبئ بحضور مراكمة نوعية هامة باستثناء المباحث التي أنجزها
عدد من الباحثين الأجانب في النصف الثاني من القرن العشرين، نشير منهم على سبيل
الذكر لا الحصر إلى أعمال "ميكال دي إيبالثا". إن عدم التفصيل في رواية توطين الموريسكيين في
المصادر التونسية، وانقراض معظم آثارهم الكتابية أو اندثارها، كما أسبقية اهتمام
الباحثين الأجانب بالتاريخ الموريسكي قياسًا للباحثين التونسيين، جميعها مسائل
تدعو إلى مُراجعة رواية انتماء الموريسكيين لتاريخ التونسيين ولسردية انتسابهم
الجمعي.
لذلك فإن ما نحاول التركيز عليه قبل سواه في مداخلتنا، هو كيف كان
للبحث التاريخي المُعاصر دور أساسي في صياغة التمثّل الجماعي لتاريخ الموريسكيين
في تونس؟ من انكب على دراسة تاريخ الحضور الموريسكي بتونس طوال القرن العشرين وإلى
حد الفترة الراهنة؟ وماهي مصادر المُؤرخين وطبيعة المناهج التي وظفوها والنتائج
التي توصّلوا إلى تحقيقها في هذه المسألة؟
رابط الحدث على الفايسبوك هنا
0 commentaires :
Post a Comment