المؤتمر الدولي الرابع عشر والاستثنائي للدراسات الموريسكية الأندلسية حول : الذكرى المئوية الرابعة على طرد الموريسكيين من الأندلس (1609-2009) مؤسسة التميمي -تونس، 23.22.21.20 ماي/آيار 2009
أ. د. عبد الجليل التميمي
في نطاق الاهتمام بالدراسات الموريسكية-الأندلسية، كانت مؤستتنا منذ سنة 1983 قد نظمت ثلاثة عشر مؤتمرا دوليا. وكان أهمها هو المؤتمر الذي نظم سنة 1992, بمناسبة ذكرى مرور خمسمائة سنة على سقوط غرناطة، آخر معاقل العرب المسلمين بالأندلس (1492-1992). وقد استطاعت المؤسسة بهذه المناسبة أن تستقبل مائة من المؤرخين من أوربا وأمريكا وبعض البلاد العربية. وتوفقت في نشر أعمال ذلك المؤتمر في مجلدين بعدة لغات, يشكلان اليوم مرجعا علميا بالنسبة للمهتمين بالملف الموريسكي الأندلسي. مع العلم أن المؤسسة نشرت حتى اليوم أكثر من ستمائة (600) دراسة أكاديمية حول هذا الحقل من الدراسات. وفي نفس الإطار، تعتزم المؤسسة تنظيم مؤتمر دولي استثنائي بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة على طـرد الموريسكيين مـن بلادهم الأندلس (1609-2009). ولا شك أن لهذا المؤتمر أبعاده التاريخية والحضارية الأكيدة إلى جانب راهنيته، حيث يندرج ضمن ظرفية عالمية, ركزت على حوار الحضارات والثقافات والتعايش السلمي والاعتراف بالآخر وحق الاختلاف والتنوع الثقافي, وهي من القيم التي لم يتمتع بها الموريسكيون في بلادهم الأندلس خلال القرن السادس عشر, نتيجة سياسة محاكم التفتيش الرهيبة تجاههم, إلا أنهم حظوا بها بنسب مختلفة, في بلدان الاستقبال بالمغرب العربي أساسا وكذا بالسواحل المتوسطية وفي العالم الجديد. ولهذا المؤتمر حينئذ محوران أساسيان هما:
أولا- الانعكاسات الإنسانية والاقتصادية والاجتـماعية والثقافية لطرد الموريسكيين الأندلسيين (1609-2009): أ- عمليات الطرد القسرية واللاإنسانية وملابساتها الرهيبة , ب- الوزن الديمغرافي والاقتصادي للموريسكيين الأندلسيين بالنسبة لإسبانيا وتداعيات الطرد , ت- الإسهامات المهنية والحضارية للموريسكيين في بلدان الاستقبال.
ثانيا : استخلاص الدروس من مأساة طرد الموريسكيين الأندلسيين:
أ- القطع تماما مع محاكم التفتيش القديمة والحديثة.
ب- تنمية قيم التسامح والتعايش والاعتراف بالآخر.
ت- مواجهة الأزمات الإنسانية مستقبلا وتبني منظومة جديدة من الأنسنة والتعايش والشراكة الحضارية.
لا شك أن المحور الأول سيكون مفتوحا أساسا للمختصين في الدراسات الموريسكية الأندلسية, ممن عملوا على الوثائق والأرشيفات الإسبانية والأوربية والعثمانية والعربية وكذا المخطوطات الألخميادية والنصوص الأدبية وغيرها من المصادر الجديدة...
أما المحور الثاني فهو أكثر انفتاحا على اختصاصات متنوعة مهتمة بالقضايا الفكرية والثقافية والحضارية للزمن الحاضر. ذلك أن طرد الموريسكيين الأندلسيين, لم يكن حدثا عاديا في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب، وبقدر مساسه بمصير نصف مليون شخص, هجروا أشنع هجرة آنذاك, وهذا ما سيشكل مادة للبحث المتجدد للجيل الجديد من الباحثين والمؤرخين وللاعتبار بالنسبة لغيرهم من السياسيين والمهتمين بمصير الإنسانية، حتى نجنبها حدوث مأساة إنسانية مماثلة بسبب التطاحن والصراعات المفتوحة عبر العالم. سينعقد هذا المؤتمر خلال ربيع 2009 بمدينة تونس التي استقبلت قبل أربعة قرون, مائة ألف من اللاجئين الموريسكيين الأندلسيين. كما استقبل المغرب الأقصى خمـسين ألفا منهم (50.000) والجزائر 25 ألفا. وقد لجأت مجموعات أخرى إلى كل من ليبيا ومصر وجنوب فرنسا والقرنة (Livourne) بإيطاليا وعلى الأخص إلى مركز الدولة العثمانية أي الباب العالي والأناضول, حيث احتضنتهم الدولة العثمانية. كما وجدنا أثرهم بأمريكا اللاتينية من خلال تأثيراتهم المعمارية الماثلة إلى اليوم, وكذا بالهند وتمبكتو, كما حلوا ببعض الفضاءات الدولية الأخرى. ويدل هذا التوزيع على حجم المأساة التي كان الموريسكيون الأندلسيون عرضة لها، وأنه من واجبنا, منظمات ومؤسسات عربية وإسلامية ومؤرخين وساسة ونخبا، أن تتضافر جهودنا جميعا لإبلاغ رسالتنا والتي نوجهها :
أولا : إلى السلطات الإسبانية العليا من أجل تعزيز وتعميق الحوار بين إسبانيا والعالم العربي, على قواعد وأسس جديدة تقضي بتعزيز روح الأنسنة والإخاء والتعاون الصادق والمثمر ومطالبتها بإعداد وثيقة ذات أبعاد تاريخية وثقافية على شكل اعتذار حضاري على هذه المأساة الإنسانية الفاجعة, مثلما قامت به هي نفسها إزاء أحفاد المطرودين من اليهود سنة 1492 معبرة عن اعتذارها بصفة علنية. وهو الأمر الذي نطالب باتخاذه كذلك بالنسبة للموريسكيين الأندلسيين والذين هم أحفاد بناة هذه الحضارة الأندلسية الخالدة. وللعلم فإن رئيس جمهورية البرتغال قام بمثل هذا الاعتذار إزاء الموريسكيين، وفعل غيرها من البلدان شرقا وغربا إزاء ما تسببت فيه من مآسي بعيدة أو قريبة..
ثانيا : إلى جميع المسؤولين العرب وكذا الخيرين منهم وبقية المؤسسات البحثية الأكاديمية الجادة والرصينة, للاهتمام بهذا التراث الذي خلفه العرب بالأندلس ووجوب إنجاز مختبر معرفي جديد, يعمل من أجل تعريب آلاف الدراسات ومئات الرسائل الجامعية حول هذا الملف, والعمل على إنشاء فضاء بحثي جديد يخطط لتوفير قاعدة بيانات ووضعها على ذمة جمهور الباحثين في الوطن العربي-الإسلامي والعالم أيضا والذي مازال يجهل حجم المأساة الموريسكية.
ثالثا : إلى المؤرخين الغربيين والأمريكيين حتى يكونوا أكثر إنصافا وعدلا في مقارباتهم عند تناول هذا الملف, وأننا لنحيي بالمناسبة مدرسة بورتو ريكوالتي يوجد بها اليوم أكثر من 20 باحثا وباحثة مختصين بالأدب الألخميادو الموريسكي.
0 commentaires :
Post a Comment