لما صدر فى عام 1566م قانون ٌ جديدٌ صارم يُحرّم على الموريسكيين التخاطب باللغة العربية أو التعامل بها ؛ كانت اللغة العربية قد أخذت تغيضُ شيئاً فشيئاً فى أسبانيا حتى اختفت المظاهرُ والآثارُ الأخيرةُ للعربية ومع ذلك وجد الموريسكيون فى القشتالية ذاتها متنفس تفكيرهم وأدبهم القديم فكانوا يكتبون القشتالية سراً بأحرف عربية وأسفر ذلك بمضي الزمن عن خلق لغة جديدة اشتقت أصلاُ من القشتالية لغتهم المفروضة واختلطت بها ألفاظ عربية وأعجمية مختلفة من اللهجات المعاصرة والقديمة وتعرف هذه اللغة التي اتخذها الموريسكيون بالأخص متنفساً لدينهم القديم الإسلام بـ "الالخميادو"(Aljamiado)وهو تحريف أسباني لكلمة "الأعجمية" وقد لبثت زهاء قرنين سراُ مطموراً حتى ظفر بعض العلماء الأسبان بمجموعة من مخطوطاتها فى أوائل القرن التاسع عشر,وعندئذٍ ظهرت عنها المعلومات الأولى,ويقول العلامة " مننديث اى بلايو " فى تعريفها بأنها:هي اللغة الرومانية القشتالية تكتب بأحرف عربية,ويقول المستشرق"ساقدرا" فى تعليل قيامها :(إن الطابع الديني الذي كان يفصل بين الموريسكيين وباقي الأسبان يطغى على نتاجهم الأدبي وكأنما هو قرين طبيعي للمنتجات العربية فهم لكي يحتفظوا بجذوةٍ حيةٍ من العقيدة المحمدية كتب العلماء والفقهاء كتباً عما يجب أن يعتقدوه وأن يحفظه كل مسلم حسن الإيمان) وقد كتب الموريسكيون القرآن سراً باللغة العربية مقروناً بشروح وتراجمَ ألحميادية كما استعمل الموريسكيون الالخميادو فى أدبهم,فمن أشهر شعرائهم (محمد ربدان) وله نظمٌ كثيرٌ وقصائدُ قصصية ٌ وأخرى دينية,ومن شعراء الموريسكيين أيضاً (إبراهيم دى بلفاد) وشاعر موريسكى مجهول عاش فى تونس فى أوائل القرن السابع عشر بعد النفي واشتهر بنقده لمسرحيات (لوبى دى فيجا) شاعر أسبانيا الأكبر .ومن اشهر كُتَّاب الألخميادو الكاتب الفقيه المسمى (فتى أبيرالو) وهو مؤلف لكتب فى التفسير وتلخيص السنة وقد طاف بمعظمهم أنحاء أسبانيا وشهد مصائب قومه ووصفها , وتلقى العلوم الإسلامية القديمة عن عالمتين بارعتين فى الشريعة هما (مسلمة ابده) و(مسلمة آبلة) وألّف كذلك في القصص الديني.والظاهرة الواضحة في الأدب الموريسكى هو أن كتاب (الالخميادو) كانوا يفكرون ويكتبون بالروح العربية وإنْ كان تعبيرهم عن ذلك يجرى بالقشتالية وأنهم كانوا يتأثرون في الأسلوب بلهجات مقاطعاتهم المختلفة اكثر من تأثرهم بقواعد اللغة, ويرى النقاد أنّ نثر كُتّاب الالخميادو أفضل من نظمهم وأنه نثر مطبوع خال من التكلف ومن الملحوظ فيه بنوع خاص تسرب الألفاظ العربية الصحيحة إليه من آن لآخر.وقد علّق (الدون برونات) على اختفاء الموريسكيين واختفاء أدبهم بعبارات شعرية يقول فيها (إن السياسة الأسبانية لم تكتفِ بنفى الموريسكيين وما ترتب عليه من نضوب حقولنا ومصانعنا وخزائننا ولم يقتصر الأمر على انتصار التعصب وبربرية ديوان التحقيق , بل تعداه إلى اختفاء الشعر وشعور الجمال الموريسكى والأدب السليم الذي رفع سمة تاريخنا)ـ
المصدر:اطلالة
0 commentaires :
Post a Comment