--------------- - - -

Nov 1, 2010

Presentación del libro: El Poeta De Rojas Zorilla al autor secreto de una comedia sobre Mahoma de Ridha Mami














سيرة ذاتية للكاتب:
رضا مامي, باحث و كاتب تونسي من مواليد 1964 بمدينة سوسة متحصل على شهادة الدكتوراه في اللغة و الاداب الاسبانية من جامعة كومبلوتنس بمدريد . أستاذ تعليم عالي بجامعة منوبة و متخصّص بالأدب الملحمي المورسكي. قام باصدار عديد الدراسات و المقالات. له "المخطوط المورسكي عدد 9653 بالمكتبة الوطنية بمدريد : نشر و بحث سردي و لغوي " سنة 2002 . تصنف بحوثه ضمن الأدب الاسباني, الأدب المقارن و تاريخ اللغة الاسبانية و نشرت ضمن العديد من المجلات المختصة. قام بترجمة مجموعة شعرية بعنوان "دليل وقوع الأميرات في الحبّ" للشاعر الاسباني خوسيه ماريا باز ﭬاﭬو سنة 2010. هو أيضا عضو بالجمعية العالمية للمختصين في أصول اللغة الاسبانية و ممثل بارز للباحثين التونسيين و عضو بالجمعية العالمية للسيميائية. إضافة أنه مدير المجلة الأدبية الشعرية "فراﭬمنتا" بمعية الشاعر و الكاتب الاسباني رافائيل موراليس و التي صدر عددها الأول متضمنا ترجمات لبعض الشعراء التونسيين أبرزهم أبو القاسم الشابي , محمد الصغير أولاد أحمد و حافظ محفوظ.

تقديم الكتاب :
قدّم الكتاب الكاتب و الباحث الاسباني كارلوس ألفار, وهو من مواليد غرناطة سنة 1951, و أستاذ فقه اللغات الرومانية بجامعة جنيف. كرّس معظم أبحاثه لأدب العصور الوسطى بأوروبا الغربيّة و يعمل على عديد المجالات اللغويّة من بينها القشتالية, الفرنسية, الجاليكيّة البرتغاليّة, الايطاليّة ولغات البروفنسال. له عديد الدراسات عن الشعر الملحمي و الشعراء المتجولون و المسألة الآرثريّة. كما درّس بعديد الجامعات الاسبانيّة على غرار برشلونة, مرسيا, ألكالا دي هينارس .
متحصّل على عديد الجوائز الأدبيّة من بينها الجائزة الوطنيّة للترجمة باسبانيا "فراي لويس دي ليون" سنة 1982 كما يدير مجلّتي "أدب العصور الوسطى" و "الشاعرية في العصور الوسطى" اللّتان تصدران بجامعة ألكالا دي هينارس.
إضافة إلى شغله حاليّا منصب الرئيس الشرفي للجمعية العالمية للمختصين في أصول اللغة الاسبانية.

محتوى الكتاب:

يتمثّل هذا العمل في تحقيق لمخطوط مسرحيّة نسبت إلى الشاعر روخاس ثوريّا يبيّن فيه الكاتب رضا مامي أنَّ مؤلّفها الحقيقي هو شاعر موريسكيّ خفيّ الاسم في أوائل القرن السابع عشر للميلاد. كتبها دفاعا عن الإسلام والرّسول محمّد (ص) هي بالأساس ردًّا على محاولات روخاس ثوريّا,نفسه, الذي كتب قبلها مسرحيّة تحمل نفس الاسم لتشويه الإسلام و المسلمين بالتهكّم و السخرية و التحقير.
و هي تبرز مظاهر مقاومة المورسكيّين للاضطهاد الإسباني المسيحيّ للمسلمين وتصدّيهم لكلّ محاولات اجتثاث أصول الفكر الإسلامي والتنكيل بهم، وذلك في إطار جدل دينيّ حاد كان سائدًا في أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر للميلاد الذي يعتبر العصر الذهبيّ للأدب الاسباني.
يضع الباحث المسرحية الثانية تحت المجهر ليبرز من خلال بنيتها الأسلوبيّة و اللسانيّة و التاريخيّة أنَّها لا تنتمي إلى موجة الموروفوبيا (موجة مناهضة المورسكيين), بل هي أثر مورسكي بالأساس لشاعر خفيّ الاسم حافظ على نفس العنوان و الأسلوب و المنهجية و على سبيل المراوغة حتى يتمكّن من الردّ على افتراءات روخاس ثوريّا و هو ما يبيّنه فصلها الثالث.
يأتي هذا العمل, في خاتمته, مؤيّدا بدراسة نقديّة للكاتبة لوث لوبيز بارالت أستاذة آداب اسبانيّة مختصّة في الأدب المقارن بجامعة بورتوريكو. لها عديد من الدراسات و المقالات في الأدب الصوفي و الطقوس الدينيّة في اسبانيا إبّان عصر النهضة و العصور الوسطى. كما تابعت في دراساتها آثار التفاعل بين المسيحيين م المسلمين في شبه الجزيرة الأيبيرية.

لقد مثّل سقوط غرناطة وانهيار دولة المسلمين في الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر أي سنة 1492 للميلاد حدثا هامًّا في التاريخ الوسيط . فقد تمكّن الإسبان بقيادة الملكة "إيزابيلا" وزوجها الملك "فرناندو" صاحب قشتالة من طرد بني الأحمر آخر ملوك غرناطة، وذلك بعد تمّ الاِستيلاء في فترات تاريخيّة سابقة على كلّ الإمارات الإسلاميّة بالأندلس.
والحقيقة انّه لم يكن ضعف المسلمين في الأندلس وصراعهم على السلطة العامل الوحيد المساهم في انهيار دولتهم، فقد كانت هناك عوامل أخرى منها ذلك الصراع الدينيّ بين المسيحيّين الإسبان والمسلمين. وقد أذكى سقوط غرناطة وانتصار الإسبان جذوة هذا الصراع، فازداد التعصّب المسيحي قوّة وعزم الإسبان على اجتثاث المسلمين واقتلاعهم من جذورهم الأندلسيّة والتنكيل بهم وطردهم وتهجيرهم قسريًّا وبشكل جماعي أو إكراههم على التنصّر.
ولهذه الأسباب أجبرت طائفة من المسلمين الباقين في الأندلس على الارتداد عن الإسلام واعتناق الديانة المسيحيّة، فرضخت لضغوط الإسبان حفاظًا على ممتلكاتها وأرزاقها وأبنائها، سالكة سياسة التقيّة والكتمان. فهي في الحقيقة لم ترتدّ عن الإسلام، وإنّما تظاهرت بالتنصّر وأبقت إيمانها بدينها في القلب عميقًا وذلك تجنّبًا لبطش الإسبان ومحاكم التفتيش التّي أقيمت لملاحقتهم ومراقبتهم. وقد عرفت هذه الطائفة في التاريخ بالموريسكيّين أو النصارى أو المسيحيين الجدد.

ولكن الإسبان ازدادوا اقتناعًا بضرورة التخلّص من المسلمين وتطهير البلاد منهم، وتعاون كلّ المسيحيين بإسبانيا والبرتغال بل وبأوروبا كلّها على محو أصول الفكر الإسلامي، والطعن في رموزه وتشويه صورهم والاستخفاف بهم.
وقد مثّلت هذه الحقبة التاريخيّة الساخنة أرضيّة مناسبة لتوسّع الجدل بين المسيحيين والموريسكيّين. وهو جدل كان ذا بعد دينيّ سياسيّ، فأضحت له تجلّيات في المجال الأدبي، إذ لم يكن الكتّاب والأدباء بمعزل عن هذه الوقائع التي غيّرت تاريخ الأندلس آنذاك. فقد أنخرط بعض الأدباء الإسبان في هذا الصراع الإسلاميّ المسيحيّ، وكان من بينهم المسرحيّ المعروف " دي رخّاس ثوريّا" « DE ROJAS ZORRILLA » الذي عاش في تلك الفترة.
وقد كتب دي رخّاس ثوريّا آنئذ مسرحيّة شعريّة حول الرّسول محمّد (ص) سعى فيها إلى تشويه الإسلام والمسلمين والنيل من النبيّ محمّد (ص) بالتهكّم والسّخرية والتحقير، فعدّ الإسلام دين تعصّب وخداع وقمع وتسلّط على الإنسان. وذهب إلى أنّ محمّدا(ص) ليس إلاّ دعيًّا مخادعًا يستغلّ جهل أتباعه ويوهم بالقدرة على القيام بالمعجزات وإتيان الخوارق وهو عاجز كاذب، فقد أظهره مثلا في صورة من خذله ربّه، إذ أنّه لمّا دعاه لينزل له من السماء ذهبا ما كان من ربّه إلاّ أن ذرّ عليه أكواما من التراب.

وفي إطار الجدل والمساجلات الأدبيّة ظهرت مسرحيّة شعريّة كانت ردًّا على مسرحيّة دي رخّاس وإبطالاً لمزاعمه وتفنيدًا لها.

كانت هذه المسرحيّة من الناحية الفنيّة مستجيبة لشروط بناء المسرحيّة آنذاك، فقد وزّعت على ثلاثة فصول.
وما يلفت الاِنتباه في هذه الفصول أنّ الأوّل والثاني منها كانا قائمين على أسلوب مألوف بين الموريسكيّين متداول بينهم هو التقيّة والكتمان. فقد انخرط مؤلّف هذه المسرحيّة في مجاراة دي رخّاس في ما ذكره من عيوب الإسلام والمسلمين واِنساق في السّخرية منهم ومن رموزهم، وإظهار بطلان معتقداتهم وخداع رسولهم(ص).

وليس بخفيّ أنّ لهذا الأسلوب في التقيّة والكتمان جذورًا تاريخيّة، إذ شاع هذا المبدأ في حياة الموريسكيّين وانتشر وصار عمادها خوفا من تنكيل الإسبان وبطشهم ومحارقهم ومحاكم التفتيش التي تتبّع المسلمين الباقين في الأندلس والذين كانوا يخفون إسلامهم ويتظاهرون بتنصّرهم.

وقد ارتكز هؤلاء الموريسكيّون على آية من القرآن بها شرّعوا ارتدادهم عن الإسلام واعتناقهم للمسيحيّة مع الإبقاء على قلوبهم عامرة بالإسلام، وهي الآية 106 من سورة النحل، حيث يقول تعالى: "مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ".

فالتقيّة إذن حيلة فنّيّة عوّل عليها هذا الشاعر الموريسكيّ ساخرًا من دي رخّاس من ناحية خادعًا للمسيحيّين من ناحية ثانية، استمدّها من حياة الموريسكيّين اليوميّة فتجلّت وسيلة فنّيّة في مسرحيّته. غير أنّ أهمّية هذه المسرحيّة كغيرها من المسرحيّات الشعريّة في الأدب الكلاسيكي الإسباني تكمن بالتحديد في فصلها الثالث. وهو الفصل الذي يمثّل "لحظة الإشراق" أو "ذروة الصراع" أو "الفاجعة" أو "المفاجأة" أو "الانقلاب".

ففي هذا الفصل نشهد تغيّرًا في المسرحيّة حاسمًا مذهلاً، إذ خلع الموريسكيّ قناعه وتخلّى عن تقيّته وملك الجرأة وانطلق في إيمان وعفويّة يدافع عن الرّسول محمّد (ص) مظهرًا معجزاته وخوارقه. ومن هذه المعجزات التي ذكر:
أنّ الرّسول كان يتلقّى الوحي عبر حمامة تحطّ على كتفه وتنقل له رسالة ربّه إلى العالمين.
أنّ للرّسول ملكات وقدرات تفوق ملكات البشر وقدراتهم فهو قادر على إحياء الموتى وبعثهم إلى الحياة من جديد، فيخاطبهم ويخاطبونه.
أنّ الرّسول قادر على شفاء المرضى حتّى إنّه ليستطيع أن يردّ للأعمى بصره.
أنّ الرّسول دعا ربّه وتضرّع إليه حتّى ينزل له من السماء ذهبًا فاستجاب له ربّه.
أنّ الرّسول كان يستظلّ بالغمام، وكان الله يأمرها بأن تتنقّل حيث يتنقّل فتحميَه من حرّ الشمس.
أنّ الرّسول طلب من الله أن يجعل القمر ينشقّ فاستجاب الله له.

ولكنّ ما يسترعي الانتباه في هذا الفصل الثالث من المسرحيّة أنّ هذا الموريسكيّ لم يكتف بإيراد هذه المعجزات ونسبتها إلى محمّد (ص) في إطار الدّفاع عنه وتكذيب اِدّعاءات دي رخّاس ثوريّا، فقد أكّد عمق الصراع المسيحي الإسلامي حينما اتّجه إلى نقد الديانة المسيحيّة نفسها والاستنقاص من قدر أهلها، ليبيّن فضل الإسلام عليها. فمن حججه في ذلك أنّ المسيحيّين يميلون إلى الخرافة والأوهام ونشر الخيالات والأساطير بينهم، حتّى أغرقوا في الضلالة. ثمّ تناول بالانتقاد مفهوم التثليث الذّي يتمسّكون به وبيّن أنّه مفهوم ينفي وحدانيّة اللّه. ولعلّ هذا المفهوم عينَه هو ما جعله ينفي ويدحض فكرة أن يكون عيسى إلاهًا كما يدّعي ذلك رجال الدّين المسيحيون، فعيسى الذّي ولدته مريم العذراء ولم يمسسها بشر ليس إلاّ بشرًا كغيره من البشر خلقه ربّه ليكون رسولاً إلى عباده.

وإذ خلع هذا الموريسكيّ عن النبيّ عيسى ثوب الأولوهيّة المزعوم فقد جرّد نصّه- وهو الإنجيل- من قداسته عندما طرح مسألة تدوينه. فقد بيّن أنّه نصّ تعرّض في مراحل مختلفة إلى عمليّات تحريف شتّى، فكان عرضة للتزيّد والتلاعب بمضمونه.
على أنّ فضح المسيحيّين في المسرحيّة لم يرتكز على بيان ما تسلّل إلى الدين المسيحيّ من خرافات ولا على الطعن في قداسة الإنجيل وإنكار فكرة ألوهيّة عيسى فحسب، فقد طال الطعن فكرة موته نفسها. ذلك أنّ هذا الموريسكيّ يرى أنّ الله رفع عيسى إلى السماء وأراده أن يكون إلى جواره، ونفى بذلك ما يردّده المسيحيون الذين يعتبرونه قد مات في الصليب.
بل إنّه في المسرحيّة يسعى إلى أن يقارن هذا الموت الذي لفّته الأساطير ونسجت حوله الخرافات بموت الرّسول محمّد (ص). فموت رسول المسلمين كان موتًا طبيعيًّا ولم يلفّه الغموض، وقد وثّقته كتب التاريخ ولم تختلف فيه أدنى اختلاف، بل إنّها تناولته بتفصيل دقيق. فمحمّد(ص) مات بعد أن أكمل دينه وأوصى أصحابه بمواصلة نشر رسالته بعده.
هكذا إذن كانت المراوغة في المسرحيّة. كانت فنًّا ينهض بوظيفة النقد من جهة وبوظيفة السخرية من جهة ثانية، بل هي ردّ على السخرية بسخرية مضادّة ومجابهة للتهكّم بالتهكّم. فإذا بالحجّة تقارعها الحجّة، وإذا ما يزعمه دي رخّاس ينفيه هذا الموريسكيّ في سجال أدبيّ أبعاده الحجاجيّة واضحة.

فما يذكره دي رخّاس من عيوب الإسلام والرّسول محمّد (ص) يتبنّاه هذا الموريسكيّ ويوافقه فيه في الظاهر ولكنّه في الباطن ليس إلاّ يعرض أطروحة خصمه فيفنّدها بعد ذلك ويكشف بطلانها.
ولهذا نحن نذهب إلى أنّ الفصلين الأوّلين من هذه المسرحيّة ليسا إلاّ عرضًا فنيًّا لمسرحيّة دي رخّاس، صاغها الموريسكيّ من جديد، واتّخذها رداءً يتخفّى به من محاكم التفتيش ومتّقيا بطش الإسبان، ولكنّه في الحقيقة جعلها الفكرة التي يريد الردّ على صاحبها.

وبذلك تلوح لمسرحيّة الموريسكيّ وظيفتان أخريان فضلا عن وظيفة السخريّة والنّقد هما وظيفتا التقيّة والحجاج.
بيد أنّنا في واقع الأمر لا نكاد نطمئنّ إلى هذا البناء الفنّي للمسرحيّة حتّى نركُنَ إليه حجّة وحيدة على أنّ صاحب هذه المسرحيّة ليس إلاّ شاعرًا موريسكيًّا من أولئك المسلمين الذين أخفوا إسلامهم لضمان بقائهم في الأندلس، وسعوا رغم ذلك في الدفاع عن دينهم ورسولهم.

ولسنا نرضى بمضامين هذه المسرحيّة باعتبارها حجّة ثانية على انتساب هذا الشاعر إلى الموريسكيّين أمرًا كافيا رغم أنّها مسرحيّة يدافع فيها ناظمها عن الإسلام، ورغم أنّ ما ذكره الشاعر من معجزات وأعمال خارقة نسبها إلى الرّسول (ص) لهو ممّا تواتر ذكره في مدوّنات موريسكيّين آخرين كثيرين وآثارهم ومخطوطاتهم، حتّى بات ذلك سنّة مألوفة عرف بها هؤلاء دون غيرهم لدى جمهور الدّارسين.

ولكنّنا نضيف إلى تَيْنِكَ الحجّتين ثلاث حجج أخرى نراها كافية لتقنع بانّ الشاعر ما كان إلاّ من الموريسكيّين، وهي على التوالي أسلوبيّة ولسانيّة وتاريخيّة.

فأمّا ما كان من الأسلوب حجّة فيظهر في الوفرة التي يستعمل بها ضمير المتكلّم المفرد "أنا". إذ يتواتر استعمال هذا الضمير في مواطن شتّى من المسرحيّة، ونشير إلى نموذجين للذكر لا للحصر.
يقول البطل: "أنا الصقر النابل لا أحلّق عاليا حتّى اقرب من فريستي".
وتقول شخصيّة أخرى هي عمر الذي يعود من غزوة أرسله فيها الرّسول (ص):
" قوّة جيشي وجبروته سحقت تعالي المسيحيّين وغرورهم".
" أنا السوط الذي مرّغ أنوفهم في التراب"
لقد دلّت هذه الشواهد على أنّ هذا الشاعر ميّال إلى غرض الفخر، وهو من أهمّ الأغراض في الشعر العربيّ، فجعل اللّغة في المسرحيّة تنهض بوظيفة هامّة هي الوظيفة التعبيريّة.
وأمّّا ما كان حجّة لسانيّة فيتجلّى في ما نلاحظه من ظواهر كثيرة في مجال اللّغة تؤكّد نسبة هذا الأثر إلى أحد الموريسكيّين، ومنها:

المعجم: فاللّغة هي الإسبانية المستعملة في أوائل القرن السابع عشر وقد تأثّرت بظاهرة الاقتراض المعجميّ فكانت مشحونة بمفردات كثيرة ذات أصل عربيّ على غرار:
المنبر- الصقر النابل- الكنية- القبّة – مخدّة- علمود.
الاقتراض الدّلاليّ.
الأبنية الصرفيّة التركيبيّة.
النسخ الدلاليّ.
الأسلوب.
وأمّا ما كان حجّة تاريخيّة تسترعي انتباهنا خاصّة فهو ووفق ما تثبته كتب تاريخ الأدب الإسباني والحركة المسرحيّة على وجه الخصوص في أوائل القرن السابع عشر للميلاد أنّ مسرحّية دي رخّاس ثوريّا التّي تعرّضت بالإساءة إلى الرّسول (ص) كانت من بين أكثر المسرحيّات التي وقع عرضها على خشبات مسارح إسبانيا آنذاك. في حين إنّ مسرحيّة هذا الموريسكيّ التي تناولتها بالتحقيق والدّراسة لم يقع ذكرها إطلاقًا في الدراسات النقديّة الإسبانيّة، وتمّ تجاهلها التجاهل التامّ. ثمّ إنّ اللاّفت للانتباه ههنا، ووفق مخطوط آخر لأحد الموريسكيّين الآخرين تحدّث فيه عن هذه المسرحيّة بالذات، أنّه لمّا شرع في عرضها على ركح أحد المسارح بإسبانيا تدخّلت محاكم التفتيش وأوقفت العرض وزجّت بالممثّلين في السجن وأجبرت صاحبها على أن لا يتحدّث عنها في المستقبل أبدًا.

كان هذا الكتاب إذن دراسة نقديّة لهذه المسرحيّة الشعريّة. وقد توسّلنا بمجموعة من الحجج لنثبت أنّها كانت لأحد الموريسكيّين بلا شكّ في ذلك، توزّعت على ما هو فنّيّ وما هو مضمونيّ وما هو اسلوبيّ وما هو لسانيّ وما هو تاريخيّ. سعى فيها صاحبها إلى الاعتراض على مسرحيّة دي رخّاس ثوريّا التّي تشوّه صورة الرّسول وتسيئ إليه، فكان كغيره من الموريسكيّين مدافعًا عن محمّد(ص) مقاومًا للحملة المسيحيّة التي كانت تحارب الإسلام. وقد نسجها صاحبها من الشعر، فكان بذلك مجاريا لما درج عليه كتّاب المسرح الكلاسيكيّ، إذ كانت أغلب المسرحيات في أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر للميلاد مسرحيّات شعريّة. وكانت هذه الفترة من أخصب الفترات التي عرفها الأدب الإسبانيّ على الإطلاق، حتّى عُدَّ ذلك العصر بحقّ عصرًا ذهبيًّا، برزت فيه أعمال مسرحيّة شعريّة جليلة وهامّة ولمعت فيه نخبة من عمالقة الفنّ المسرحيّ الكلاسيكيّ. فكانت الحركة الأدبيّة والثقافيّة آنئذ حركة نشطة مشاربها وروافدها شتّى لعلّ أحدها ذلك الجدل الديني بين الموريسكيّين والمسيحيّي

0 commentaires :

Post a Comment

Copyright © Los Moriscos De Túnez الموريسكيون في تونس | Powered by Blogger

Design by Anders Noren | Blogger Theme by NewBloggerThemes.com