--------------- - - -

Mar 1, 2014

حوار مع الأستاذ لوي كاردياك حول مسيرته العلمية كمؤرخ الدراسات الموريسكية منذ خمسين سنة


الأستاذين عبد الجليل التميمي ولوي كاردياك
أثناء الزيارة الأخيرة للأستاذ لوي كاردياك لتونس لحضور المؤتمر العالمي السادس عشر للدراسات الموريسكية وفي نفس الوقت لتكريمه من قبل رئاسة جامعة تونس الأولى ومنحه الدكتوراه الفخرية، كنت قد طلبت من الأستاذ كاردياك إجراء حوار خاص معه حول مسيرته وانجازاته العلمية، وقد أبدى موافقته لذلك، وهو الحوار الذي أعده استثنائيا من حيث أهميته البالغة وقد عكس رسالة أحد الأساتذة الكبار والمتميزين حقا لمبحث الموريسكولوجيا، وهنا أدع الباحثين والمؤرخين اكتشاف الوجه الآخر للوي كاردياك، وهو الوجه المغيب في شخصيته، إذ هو يعد أحد مفاخر المعرفة التاريخية الفرنسية والدولية.
س : التميمي :
أستاذ كاردياك، أنه لشرف لنا استقبالك من جديد في المؤسسة، فعلاقاتنا ترجع إلى حوالي 40 سنة عندما التقينا لأول مرة وقد أدركت يومئذ دوركم الرائد في الدراسات الموريسكية، ذلك أن اسم كاردياك  أصبح معروفا في العالم العربي، وهذا بفضل رسالتك الجامعية الرائدة والتي كان لي شرف نقلها إلى العربية وتم نشرها بالمؤسسة منذ عشرين سنة اليوم وأصبحت مرجعا ثابتا لا غنى لأي باحث للرجوع إليها.
إن إسم كاردياك يوحي بالأمانة الفكرية وهذا استنادا إلى نزاهتك كمؤرخ، وأنه نظرا لزيارتك الحالية لتونس والتي توافقت مع مشاركتك في المؤتمر 16 للدراسات الموريسكية، بدا لي مشروع منحك الدكتواره الفخرية من جامعتنا، أمرا جليلا ومأمولا وهذا نظرا للدور الكبير الذي اضطلعت به على الساحة  العلمية الفرنسية والأوربية والمغاربية، وقد خابرت وزير التعليم العالي بهذا الشأن وأبدى موافقته على اقتراحي. وعليه ورأيت من المفيد جدا أن نستفيد من وجودك بيننا لتدلي لنا بشهادتك حول مسيرتك الجامعية وانجازاتك البحثية وخيباتك أيضا، كما نريد أن نعرف كيف تقيم الجيل الجديد من الباحثين الموريسكولوجيين من الأوربيون وغيرهم، وما هو مضمون الرسالة التي تود ابلاغها للمؤرخين المعنيين بالدراسات الموريسكية ؟
لقد اكتشفتم أشياء مهمة في الأرشيفات المكسيكية والتساؤل وهل هناك وثائق هامة تناولت الوجود الموريسكي بأمريكا اللاتينية؟ وهل أقمتم علاقات علمية مع باحثي أمريكا اللاتينية وأنا مازلت أتذكر وجود باحثة بالأرجنتين مهتمة بهذا الملف ونشرت عدة مؤلفات. وبالنسبة إليكم فقد شاركت في العديد من مؤتمراتنا الدولية، كما شاركت مؤخرا في مؤتمر بتلمسان، والسؤال هل هناك بصيص أمل أن اسبانيا سوف تعترف باقترافها جرم التهجير القسري لهؤلاء البائسين الموريسكيين من أندلسيتهم ؟
وبمناسبة زيارتك الحالية لتونس، ذكرت لنا بأن هؤلاء الموريسكيين هم رموز خالدة واستوجب احياء ذكراهم في العالم العربي-الإسلامي، كما ذكرت بأنك مازلت تأمل من اسبانيا أن تعترف علانية بمأساة طرد الموريسكيين الأندلسيين!
جواب لوي كاردياك :
شكرا حضرة الأستاذ التميمي لهذا التقديم حيث أثرت مجموعة من الأسئلة الحساسة والهامة وقد استوجب القول أنها أسئلة مرتبطة بمجال اختصاصنا أي علم الموريسكولوجي وأذهب إلى الاعتقاد أنك كنت وراء هذه التسمية الجديدة بتونس، وحيث تعممت بعد ذلك دوليا، لقد أثرتم مسائل دقيقة وخطيرة جدا وأنك قيمت المسار وكذا مساري الشخصي كمؤرخ معني بهذا العلم، أننا جميعا أنت وأنا ننتمي إلى عالمين هما العالم الأوربي ثم العربي والعالم المشرقي، ففي البلاد التونسية كنت قد أديت الدور الرابط بين رجالات الحضارات المختلفة ببعضها بعض، وأنا شخصيا عندما أثير المشكل الموريسكي يتراءى في ذهني شخصيتين أساسيتين:
فالشخصية الأولى كنت أعتبرها استاذي الروحي بفرنسا وأعني به Fernand Braudel، فهذه الشخصية تتمتع بالنزاهة المطلقة وبعمق فكري عميق وبثقافة شاملة، وهذا الرجل كما يشاع عنه كان صعب المراس مع طلابه وزملائه، وفي كثير من الأحيان يستغرب الناس حقا صرامة هذه الشخصية وسألوني كيف تمكنت من كسب تعاطف برودال معك ؟ إلا أن ذلك كان أمرا عاديا جدا، ذلك أني كنت معجبا حقا به اعجابا واسعا.
وفي كتابه المتوسط وعالم المتوسط وضمن 40 صفحة من كتابه، قدم برودال فرضية عمل للمشكل الموريسكي، واستوجب العلم بالإضافة إلى ذلك أن المؤرخ كان قد حرر هذه الصفحات الهامة عندما كان مسجونا بألمانيا النازية ونظرا لطابعه العسكري، فقد كان سجينا وتوفر له الوقت الكافي للكتابة، خلافا للجندي البسيط حيث يقوم بالعمل اليدوي بالسجن، وقد حرر كتابه المتوسط وعالم المتوسط، وأثناء رجوعه من السجن أكمل صيغته النهائية وقام بإضافات وضع الهوامش في أماكنها.
هذا الرجل الذي بين في عدد قليل من الصفحات، بعدا تحليليا خارقة للعادة لملف الموريسكيين، وقد توفق في تلمس المشكل الموريسكي ووضعه وفقا لثلاث صيغ محددة، بعد أن حللها. فالمشكل الموريسكي بالنسبة إليه هو مشكل صراع الحضارات وهو بالتالي صراع ديني وأنه من الصعب حله، إن صراع الحضارات الديني هو القاعدة الأساسية للمشكل الموريسكي وقد أضاف: استوجب القول أنه لا يوجد فقط مشكل موريسكي، ولكن مشاكل متعددة تبعا للمناطق الجغرافية، وكل هذه المشاكل الموريسكية لها ارتباط بعامل القوة، وهو عامل جدلي بين الأقليات، وأن ردود فعل المسيحيين مختلفة عندما تباينت ردود فعل المسيحيين والموريسكيين أيضا، وهذا وفقا أن الموريسكيين كانوا موزعين أو مجمعين في أماكن سكانية كثيفة.
وأخيرا فإن برودال كان بالإضافة إلى ذلك قد أوجد لنا محورين للبحث، وعندما أنهيت تحرير رسالتي الجامعية، وجهت له نسخة للإطلاع عليها، ومازلت أتذكر أني ذكرت له : "أستاذي سأكون سعيدا جدا إذا تفضلتم وقبلتم تحرير مقدمة لهذه الرسالة" وقد رد علي بقبول الطلب من طرف هذا الأستاذ العلم والكبير جدا.
وعندما وجه لي المقدمة التي حررها، كتب بخط يده: "لم يكن لدي الوقت أن أحرر 6 أو 7 صفحات أكثر للمقدمة، ولكن إذا بدا لك أنها لا تفي بالغرض، فلا تنشرها". وبنفس الأسلوب فإن برودال قد أوحى لغيري عديد الجدليات لإعداد رسائل جامعية حول الملف الموريسكي.
وهنا تذكرني شخصية أخرى، إذ عندما كنت مقيما بتونس، وصلني خبر وفاته في نوفمبر 1985 حيث دعيت من طرف الجامعة التونسية للمساهمة في لجنة متخصصة، ولدى رجوعي إلى غرفتي بالنزل بكيته بحرارة.
أما لكل ما يتعلق بالعالم العربي، وفي مقابل الأستاذ برودال، فهناك الأستاذ د. التميمي وأؤكد على ذلك، فبفضل الأستاذ التميمي، وهو الذي أعاد تقييم المشكل الموريسكي ليصبح موضوعا لبحوث سيتناولها عديد الباحثين والذين وصلوا إلى تونس، مثلما فعلت أنا للاستفادة منك والاستماع إلى وجهة نظرك.
وبالنسبة لك فقد أعدت الاعتبار إلى جدلية تاريخ الموريسكيين وتمكنت من إعادة تحديد مفاهيمه ليصبح موضوع بحوث لعدة أجيال، ولا شك أن هذا المنحى يختلف عن المنحى الأوربي بفضل اقتراحك رؤية جديدة قد ساهمت في اثراء هذه الجدلية.
ففي اسبانيا تم الاهتمام بالإسلام المضطهد والذي تم مجابهته من طرف المسيحيين والموريسكيين وكانوا الفئة المقهورة في دينها ولغتها ولكل ما يمثل حضارة أخرى معينة، فالموريسكيون كانوا على الدوام ملاحقين لأقل الأسباب والحركات والتي اعتبرت علامات على التبعية والانتماء لحضارة أخرى.
وعلى ضوء ذلك، وصلنا إلى أوضاع ولو تواصلت في مناخ وإطار آخر أقل دموية ومحل ضحك pesibles   وهنا أذكر بحالة هذا الموريسكي المحكوم عليه بسبب أنه ذكر "بسم الله" في حين أن جاره المسيحي يقول نفس الشيء ولكن باللغة الإسبانية ! وعليه فإن استعمال اللغة العربية قد عد بمثابة الخيانة والانتماء إلى حضارة خطط للقضاء عليها تماما.
وساهمت هنا بالبلاد التونسية حضرة الأستاذ التميمي في مصالحة هذا الملف بطريقة مختلفة شيئا ما، فأنت تمثل العالم العربي-الإسلامي، وبهذه الصفة اعتبرت المشكل الموريسكي كأحد الفصول المؤلمة والمأساوية لتاريخ الإسلام الغربي وقد عالجتموه بحساسية مغايرة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن تونس التي احتضنت في أوائل القرن السابع عشر مائة ألف من هؤلاء المهجرين، وكان احتضانهم رائعا وهو المحور الهام لأبحاثك الشخصية ومع من كان بجانبك، ولا شك هناك من الأوربيين السابقين ممن فتحوا بشكل رائع هذا الاتجاه من البحوث، ويحضرني هنا اسمين على سبيل الذكر هما وليام مرسان وميكيل دي ايبالزا. وهذا ما أردت أن أذكر بادئ الأمر للأستاذ التميمي حيث كنت رئيس فرقة بحثية، ومنشطا كبيرا لمثل هذه البحوث وهنا يرجع الفضل لك ولتونس التي كانت بالفعل أرض استقبال الموريسكيين والتي أصبحت اليوم أرض استقبال الباحثين الموريسكولوجيين عبر العالم.
س :
ما هو مستقبل جدليات البحوث حول هذا الملف ؟
ج:
لقد بينت صديقي العزيز أنه بأيديك جزءا من الجواب، وهذا نظرا أنك من الباحثين القلائل ممن اشتغل في الأرشيفات التركية وأنك نشرت نتائج بحوثك حول استقبال الموريسكيين بالأناضول وتم ذلك عبر العديد من بحوثك وكتبك، وقد فهمت أن هناك أشياء أخرى استوجب التفتيش حولها والعثور عليها.
ومن جانبي وبحكم إقامتي بالمكسيك حاولت أن أعثر على بعض الآثار للموريسكيين في الأرشيفات المكسيكية وبعد أن اشتغلت على هذا الملف خلال سنة كاملة بالمكتبة الوطنية وأرشيفات محاكم التفتيش، تأكد لدي أن الآمال المعلقة على ذلك لم تكن مشجعة، وفي مدريد بالأرشيف التاريخي الوطني، عثرت على وثائق تعكس مدى علاقات محاكم التفتيش المكسيكية عندما كانت توجه كل سنة إلى مركزية محاكم التفتيش مراسلات بهذا الخصوص ويتعلق الأمر بملخصات لملفات محاكم التفتيش، إلا أن هدفي الأول كان يركز على مراجعة هذه الملفات مباشرة وكنت أفكر أن ذلك سوف يمنحني معينا مهما من المعلومات، ومع هذا فقد جمعت معلومات ثمينة ولكنها قليلة جدا.
وفي المقابل بخصوص اهتماماتي المركزة حول الوجود الموريسكي بأمريكا اللاتينية، فإن زياراتي الثلاث التي قمت بها لثلاث بلدان، لم تمكني من معلومات حول الوجود الموريسكي في هذه البلدان التي زرتها، وهي البيرو Pirou  وكولومبيا Colombie  وكوبا Cuba.
ومن خلال هذه الزيارات تمكنت على عين المكان بالعثور على ببليوغرافيا لوجود الإسلام وبعض حالات الموريسكيين، وقد تحولت لزيارة هذه البلدان لغرض محدد، وهو حضوري لبعض المؤتمرات المخصصة لدراسة الظاهرة الدينية، وقد سمح لي ذلك أن أقيم علاقات مع العديد من المتخصصين حول هذه الجدلية والتي تهمني مباشرة وأن النتيجة الإيجابية لذلك كان ولا شك، ذلك المؤتمر الذي انعقد في جامعة Universidad Pontifica de Lima وقد كنت محظوظا لمقابلة الأب مانوال مرزال Père Manuel Marzel ، والذي على إثر ذلك أصبحت على علم بإنجازاته والتي فتحت لي آفاقا جديدة. وفي كولوميا اكتشفت مؤلفين لكتب حول الوجود الإسلامي بالبلاد، وكانا جامعيين من البلد واعتنقا الإسلام، وهي ظاهرة ذكرها لي أحد المؤلفين، كانت منتشرة في بلدان أمريكا اللاتينية، وبالفعل لاحظت هذه الظاهرة أيضا من كوبا، أما حالات الموريسكيين الذين تم ذكرهم من طرف المؤلفين الذين عثروا عليهم وأثبتوا وجودهم سواء أكان ذلك بالأرشيف أو عبر قراءاتهم. أما بخصوص موريسكي Indes وهذا ملف وجب الأخذ بالاعتبار أن هؤلاء الموريسكيين قد عبروا البحر الأطلنطيقي بهوية وبأوراق ثبوتية ومغيرة للحقيقة، وهذا بسبب المنع المطلق الذي واجهوه عند تنقلهم وقيامهم بهذه الرحلة، لقد عالجت كل هذا في مقال نشرته منذ مدة في دورية Casa de Valazquez بمدريد منذ مدة.
إلا أن هناك ظروفا عديدة تجعل هوية الموريسكيين تكتشف في بعض الأحيان، وأذكر هناك فقط ثلاث حالات تعد نموذجية في هذا الباب، وبادئ الأمر فإن السيدة ماريا رويز Maria Ruiz المولودة بالبشرات  والتي بادئ الأمر قد تزوجت باسبانيا شريفا وجلبها معه إلى الهند، ولدى شهاداتها العامة، اعترفت بمدى ارتباطها العميق بالإسلام. وقد رفض الأب العفو عنها ووجهها إلى محاكم التفتيش بالمكسيك حيث لم يتم العفو عنها ولم تكتشف عن حالتها تلك إذ عكس ذلك...
أما الحالة الثانية فهو هذا الموريسكي الذي التجأ إلى تونس وكشف في الكتاب الذي تحدث عنه ميكال دي ايبلزا حول استقبال الموريسكيين بتونس، وذكر أنه أثناء وجوده باسبانيا، أخفى هويته وبين أنه تلقى مهنته كمدفعي، وقام بزيارات عدة إلى أمريكا اللاتينية على متن باخرة (Galion) ورافق تحميل المواد الثمينة إلى أوربا وهذا بسبب مهنته كمدفعي ضد هجمات القراصنة، وأثناء إقامته بإيالة تونس حرر مخطوطة حول المدفعية وهو متوفر اليوم بالمكتبة الوطنية التونسية.
أما الشخصية الثالثة والتي كشف عنها ابن إياد من جامعة وهران في مقال سينشر قريبا، وهو ما أطلق عليه حامد بننجالي Hamed Benenjal، وهو المتوقع أنه مؤلف كتاب Don Quichotte وفقا لرواية سرفنتس Cervantes وهذه الشخصية الثالثة حامد بننجالي هو موريسكي سجن في نفس فترة سرفانتس باشبيلية سنة 1602 وأخفى هويته الحقيقية تحت اسم مسيحي Anton Gonzalez وقد نجح للتحول إلى أمريكا ب Hispaniato ثم تحول إلى المكسيك ثم بعد ذلك إلى جنوب أمريكا، وقد أدته مسيرته في أخر مراحلها وفي سن 75 إلى التحول إلى أمريكا الجنوبية، وفي هذا السن التجأ إلى أحد الأديرة الفرنسيكان Huamango بعد تغيير أكثر من مرة هويته وأصبح يطلق على نفسه Diego de la Santa Fe. ولا أود أن أثير أهم محاور هذا المقال، والذي عكس مدى التأثير الذي أحدثه هذا الموريسكي في التصور العام لـ Don Quichotte، وهنا أحث المطلعين على هذا الحوار بعد صدوره، أنهم سوف يستفيدون منه كبير استفادة ويدركون أهمية المصادر والتي بامكانهم ممارسة التحليل النقدي.
وعليه أثناء هذه الرحلات التي قمت بها وحضوري المؤتمرات، بدأت أتعود أيضا مع مشاكل تعميد الهنود الأمريكيين والعمل مع الزمن على إقامة مقاربة بين الهنود والموريسكيين، وعليه فإن العلاقة التي أثارها الأنثرولوجيين كانت حاسمة جدا لإقامة جسر بين الجميع، وشخصيا أفكر بشكل خاص حول أحد الكتب التي صدرت عن أحد الباحثين Enrique Marroquín في كتابه، La cruz mesiánica، una aproximación al sincretismo católico indígena  والذي أمدني بمعلومات وعناصر تفكير كانت جوهرية جدا بالنسبة لي شخصيا.
وعلى ضوء هذه المعطيات أمكنني أن أحرر وأنشر كتابي السنة الماضية :
Dos destinos trágicos en paralelo. Los moriscos de España y los indios de América.
إن المنهجية المقارنة بين هاتين الفئتين من حيث نوعية هذه الإشكاليات، قد سمحت لي أن أعثر على الثقافة المشتركة بينها، وفي نفس الوقت أن أشدد على خصوصيات مصيريتهما الأوربية والأور-أمريكية.
ولا شك أن إقامتي بالمكسيك والعلاقات المباشرة التي أقمتها والتي تمكنت منها، قد سمحت لي بإثراء بحوثي والتي لم تمكنني الظروف من إقامتها أثناء إقامتي بالمكسيك أو بالأحرى لم تكن لنتوجه بهذا الشكل الناجع، وأذكر هنا مثالا واحدا : أن التقارب الذي أقمته من جهة بين فن المدجن الذي وجد بالعصور الوسطى في الأوساط الإسلامية لجزيرة الأندلس والتي طبقت بشدة حتى القرن السابع عشر لدى المجموعات الموريسكية بأراقون وقشتيلية والأندلس عموما، ومن جهة أخرى فن tequitqui بأمريكا الهندية، وفي كلتا الحالتين، كان الأمر متعلقا بظاهرة اجتماعية وسياسية للتعايش بين المجموعتين حيث كانت وراءها ظروف تاريخية معينة، وأبرز هذه المظاهر لهذا الفن المدجن أو tequitqui هي المستوى الأقل قيمة من الأشخاص الذين كانوا في خدمة المسيحيين الماسكين للبساطة، فالمدجنون بأسبانيا والهنود الأمريكيون بالمكسيك قد حققوا أعمالا هندسية رائعة مثل بناء الكنائس والإقامات الفخمة والتي طبعت الفن المعماري هذا الزمن، فالمدجنون والموريسكيون والهنود المحليون في زمانهم وفي فضاءاتهم قد سعوا إلى ابتكارات فنية جسمت أسرار وجودهم، وكان وراء أصالة هذا الفن المجسم لهم.
وبالمكسيك هذا الفن الملائم كان ليس فقط مقبولا من طرف الكنيسة مثل ما هو الحال بأسبانيا ولكن أيضا قد غذاه الأمل بتسهيل عمليات التعميد، وأن تقارب الثقافات لا يمكن إلا أن يكون مفيدا جدا وهذا ما تفكر فيه القيادة الدينية المسيحية، ومن هذا المنطلق فقد استعملت المواد ما قبل التاريخ بهدف بيداغوجي ولم يكن من النادر ملاحظة كيف أن الفضاءات الكبيرة قد خططت لوجودها في مدخل الكنائس حيث يوضع عادة، علامة ضخمة للصليب ، وهذه العلامة كانت بمثابة المساعدة الحجرية والتي أطلق عليها Cuauhxicalli ،  وهي عبارة عن حجرة نحتت واستعملت كوعاء لاستقبال قلوب الأموات المضحى بهم ومنحت للقربان المقدس، وهذا ما يعكس العزيمة لإقامة شيء من التوازن بين ضحايا المسيح والذي يهدر دمه من أجل السعادة البشرية وبين للضحايا في معابد الأزتاك aztèques لإدامة الحياة.
وعليه فإنه لدى المؤمنين لا يوجد أي قطيعة بين دين وآخر، وأن أجمل علامة الصليب هي تلك التي توجد في الكنيسة التي بنيت Cuernavaca من طرف الفرنسيسكان Franciscains  في القرن السابع عشر والتي هي اليوم كنيسة المدينة.
لا أنسى أن سؤالك تمحور حول مستقبل البحث التاريخي لكل ما يتصل بالموريسكيين، وقد قدمت لك إجابة شخصية عندما أثرت تكلمت عن الشخصية ونجاحاتي  وخيباتي في هذا المجال.
وبالخلاصة لتساؤلك، أود أن أثير الآن وبسرعة امكانيات البحوث والتي أظن تمييزها عبر مختلف مراكز الأرشيف، فالأرشيفات البرتغالية أرى أن هناك امكانيات للقيام بذلك ومازلت أتذكر أني أشرفت على رسالة دكتوراه لأحمد بوشارب أحد المؤرخين بالمغرب الأقصى وهو الذي اشتغل في هذه الأرشيفات حول موريسكي البرتغال، وقد أكد لي في ذلك الوقت أن هناك في هذا الأرشيف عديد السبل للاستفادة من هذا الأرشيف.
أما أرشيف الفاتيكان فهو الأخر غني جدا، وهو ولا شك يعد أحد المصادر الهامة جدا، وقد سعى أحد الباحثين الفرنسيين Bernard Vencent الذي أكد لي وبشكل قاطع أن هناك وثائق هامة متعلقة بالموريسكيين،
س:
هل يمكن أن نأمل وجود مصادر أخرى وجديدة في المستقبل حول الموريسكيين؟
ج:
نعم فعملي الأول حول الموريسكيين كان بعنوان مرور الموريسكيين بـLanquedoc، ومنذ نشر رسالتي، هناك العديد من الباحثين قد عثروا على وثائق جديدة ومؤخرا أيضا، قرأت مقالا مهما جدا للأستاذ Louis Barnard Ponc من جامعة Alicante حول نفس الموضوع ولا أشك أننا سنعثر على وثائق أخرى في المستقبل.
س:
أود أن أعرف مسيرتك العلمية بفرنسا ثم بالمكسيك، هل بالإمكان أن تذكر لنا بداياتك في فرنسا؟ وهل هناك مشاكل شخصية مثلا وراء ظاهرة الحسد والتي دفعتك إلى القطع مع هاته العقلية والمواقف لتلتحق بالمكسيك؟
ج:
نعم هذا صحيح وللرد على تساؤلك أؤكد وجود اثنين أو ثلاث ملابسات حيث كنت أحس أن هناك مناخا غير سليم ومأتاه بصفة خاصة بعض الأشخاص الذين يفتشون عن القيادات والزعامات المنافسة، وهذه إحدى خاصيات أي مؤسسة جامعية وليس الأمر متعلقا بعالم الجامعة والتظاهر فهي نظرية سهلة، ومن هذا المجال استوجب اختيار الفريق الذي يضمن أكثر التوافقات من الصواب أن مثل هذا القرار يتضمن على الدوام مخاطر وخيبات، ومع هذا فإن هذا الماضي قد ولى وأقر اليوم بأن كل ذلك أصبح بالنسبة لي نسيا منسيا.
لقد كنا محظوظين نحن الجامعيين أن نكون بحكم خصوصياتنا رجالا نعتمد على الفكر ولديهم مشاغل، هي نظريا، تبعدنا عن كل هذه الحقارات، وما أعظم الوضوح والشفافية التي يمنحنا إياها البحث العلمي، وخصوصا إذا صاحب ذلك اكتشافات وثائقية شخصية والمتعة بقراءتها، وهي بحث الدواء الناجع للسموم، وعلينا أن نحسن استعمال ذلك.
س:
أستاذ كاردياك، أنت تواكب باهتمام وبعناية بالغة كل المنشورات الإسبانية ومؤخرا علمت بأن باحثة اشتغلت عن موقف العثمانيين تجاه الموريكسيين والغريب أن هاته الباحثة لم تلمح أو تشير إلى الدراسات التي تحققت منذ ثلاثين سنة حول هذا الملف لدينا؟
ج:
على مكتبي اليوم كتابان اثنان اهديا لي مؤخرا وأنا أشكر بكل حرارة الباحثين الذين أهدوني منشوراتهم. وبفضل ذلك، أنا على اطلاع بالإنتاج البحثي، وبالفعل ففي المكسيك، أصبح من اليسير الحصول على مثل هذه الأعمال، وإحدى هاته الكتب، فأنت أستاذ التميمي، أحد الكتب التي أهديتني إياها وتتمثل في أعمال مؤتمر الموريسكيين الأخير والمهداة إلى ميكال دي إبيزا، وفي هذا الكتاب ضم عددا من البحوث المهمة جدا، والتي لها مستوى أقل من غيرها، ولكني أود أن أنوه أنك كنت على الدوام، في مؤتمراتك تحرص على استقبال الباحثين الشبان والذين قاموا بأولى خطواتهم في البحث، وهذه ميزة نادرة اليوم.
وقد قلت أن على مكتبي كتابان، أولاهما ذكرته الآن، أما الثاني فهو كتاب رائع قامت بنشره شخصية أقدرها كثيرا واعني بها Mercedes Garcia Arenal والتي تحتل اليوم منصبا مرموقا على مستوى البحث الإسباني، فهي مديرة بحوث بـCSIC بمدريد، وكتابها يتناول طرد المورسكيين بنظرة عالمية.
لقد نبه السيد التميمي إلى مقال نشرته أحد الباحثات حول استقبال الموريسكيين بالبلاد التونسيين وتركيا، ويبدو أنها تغافلت على البحوث المنشورة بتونس، ويمكن أنك رجعت إلى أحد البحوث التي يضمها هذا الكتاب، والتي أثار انتباهي أيضا إلى ذلك، وأظن إذا لم تخني الذاكرة، أن هناك فقط ملاحظة هامشية، وإذا كان الأمر كذلك، فهو يعكس نقص معلومات من البيلوغرافيا أو كما يقال أو كما يقال هو ما أطلق عليه (esprit de chapelle) ولا أحب أن أعلق على ذلك أكثر.
وبالمقابل أحب أن أنوه بالتكريم الذي تم هذا الصباح أثناء عقد المؤتمر حيث برزتا باحثتان من جامعة منوبة واللتين سوف تناقشن هذه الأيام رسالتهن الجامعية، وهن يعترفن بأن المؤسسة قدمن لهن كل الدعم وأضفن إنه بفضل غناء مكتبة المؤسسة أمكن لهن أن يتممن رسالتهن في أحسن الظروف وأنه استوجب معرفة أن رصيد المكتبة تجاوز 21.000 عنوانا وضم مجموعة متكاملة من الدراسات حول الملف الموريسكي، هذا فضلا عن الدراسات العثمانية والتركية.
س:
لقد نشرنا حول 750 دراسة وأغلبها باللغة الإسبانية، ولم نطلب شيئا من أي أحد مقابل ذلك حتى من الطرف الإسباني وتساؤلي الذي أوجهه إليك أستاذ كاردياك: من المؤسسات الجامعية من أنجز مثل هذه الأعمال خارج إسبانيا؟ وعليه فليس من المعقول أن يتم التغافل عن الدور العلمي للباحثين والمؤرخين المغاربيين والعرب، وهنا تكمن الإشكالية!  لقد أنجزنا الكثير للمعرفة والتساؤل كيف نعير هاته العقلية والسلوكيات الغير مقبولة أصلا من طرف عديد الباحثين البارزين الأوروبيين وهو أمر مؤسف حقا !
ج:
أنا أعبر عن استغرابي كيف أن عددا من الباحثين البارزين لا يحضرون مثل هذه المؤتمرات ليتحصلوا على معلومات أوفر حول استقبال التونسيين للموريسكيين، وهذا هو رصيد مؤسستكم هو الفريد من نوعه !
س:
هناك باحثون شبان من المغرب الأقصى والجزائر ونشروا نصوصا باللغة العربية، والأوروبيون لا يتقنون اللغة العربية، وأنا أناشدهم للاستماع إلى أصوات هؤلاء الشبان، ذلك أن المهم هو المعرفة، بعيدة عن التزام سياسي ومواقف مسبقة !
ج:
إن ما أقوله لهؤلاء  الشبان أن دوركم هو دور رائد وأنا أطالبهم أن يدرسوا اللغات الحية، وأي باحث يريد أن يتخصص في الدراسات الموريسكية وهو من العالم العربي الإسلامي، فاستوجب عليه أن يتعلم الفرنسية والإسبانية، إذ هي الأدوات الضرورية للبحث.
وشخصيا لا يمكننني أن أصل إلى وثائق الأدب الألخميادو إذا لم يكن قد قمت بجهد للحصول على أبجديات اللغة العربية. ونفس الأمر بالنسبة للمؤرخين الإسبان الموريكولوجيين، فقد تحتم عليهم أن يكونوا مستعربين على أعلى درجة، وهنا أذكر أيضا أن الأستاذ التميمي قد أدى واجبه عندما أمن دورا هاما ليس فقط في نشر البحوث ولكن أيضا في نقلها إلى لغة الضاد.
س:
منذ عدة أشهر استلمت رسالة من باحثة من الخليج وهي قررت إعداد رسالة جامعية حول ملف الموريكسيين، وقد طلبت مني النصيحة وقد ذكرت لها هل أنت مستعدة أن تتعلمي اللغة الإسبانية وتقيمي بإسبانيا؟ وعكس ذلك، أنصحك بالتخلي عن هذا المشروع حيث استوجب أولا تعلم اللغة الإسبانية، وقد حررت رسالة إلى مرؤوسيها لأشرح لهم هاته الخلفية المنهجية.
أثير الآن بعجالة الأعمال التي تصلنا تباعا والمنشورة ومحررة باللغة الألخميادية. والحقيقة هناك قطيعة بين الجامعيين المغاربيين، ومع هذا أننا نستمع للكثير من الباحثين الدوليين ونفتح آذاننا وقلوبنا على العديد من المسائل والقضايا الجوهرية. وهذا هو الأصيل، ذلك أن دورنا هو تفعيل البحث التاريخي ومد يد المساعدة إلى الباحثين الشبان، وسؤالي الذي أتوجه به إليك، هل أنت متفائل بمستقبل الدراسات الموريسكية بفرنسا وغيرها من الدول؟
ج:
ففي فرنسا يوجد باحثون موريكسيولوجيون جيدون وبصفة أخص أذكر هنا Rafael Carrasco، إذ بعد المؤرخين الممتازين وهو الذي نشر مؤخرا كتابا حول محاكم التفتيش، وقد موقع هذا الباحث المشكل الموريسكي من طرف تاريخي معين وكنت على الدوام أثمن أبحاثه. أما Bernard Vencent، فقد نشر هو الآخر حول التاريخ الموريسكي كتابا أساسيا بالشراكة مع Domniques Bites لما نشر كذلك بحوثا عدة وهو معروف بفرنسا وإسبانيا وتونس، وأذكر هنا أيضا يوسف العلوي، أبرز الباحثين لهذا الجيل الجديد والذي منحنا كتابا جميلا سنة 2006 حول: Jésuites, morisques et indiens.
إنه بمثل هؤلاء الباحثين، فإن مستقبل الموريسكولوجي بفرنسا هو في أيدي أمينة. أما بالنسبة لأوروبا، هناك حركة جامدة بإيطاليا والتساؤل لماذا ذلك؟ إن البحث التاريخي قد عرف خلال العشرين سنة الماضية حركة متفاعلة جدا وإنه الآن من خلال الكتب الصادرة مؤخرا، ألاحظ التركيز على نقاط التفصيل، التي هي من باب الاهتمام المفرط في النشر ويبدو لي أننا لم نكن خلاقين كما كنا في السابق، وشخصيا أجازف بالقول أن ذلك مرتبط بالشيوخ الذين يؤكدون: "أنه في زماننا، كان الأمر أفضل".
س:
هناك باحثة من اليابان وأخرى من الهند وثالثة من باكستان والرابعة من فنلندا، هناك إذن عديد المتخصصين الذين يبرزون من حين لآخر في عدة بلدان، وهذا خلافا لإيطاليا إذ لا يوجد باحثون يهتمون بملف الموريسكولوجيين، وهو علم سوف يعرف توسطا، ذلك أن الظلم يجلب الكثير من الباحثين وعليه فإن الجيل الجديد من الباحثين العرب والمسلمين يكتشفون فضاعة وعمق المظالم التي ارتكبت تجاه الموريسكولوجيون.
والسؤال الذي أوجهه إليك هل تتمنى أن تعترف يوما إسبانيا باقترافها هذه المأساة وتعتذر للعالم العربي الإسلامي؟
ج:
سأعلنه هنا علانية: أتمنى أن هذا اليوم سيحل وأنه إذا قامت إسبانيا واعتذرت باسمها، فإنها سوف تمنحك أحقية المطالبة بذلك. وشخصيا أتمنى أن أعيش هذا اليوم المشهود وأتمنى أن البلاد التونسية التي استقبلت مائة ألف موريسكي، تأخذ يومئذ عدة مبادرات في هذا الاتجاه، وكما هو معلوم فإن إسبانيا اعترفت باقترافها جريمة للتهجير القسري لليهود، وأنا واثق جدا أن إسبانيا سوف تقوم بنفس الأمر بالنسبة للعالم العربي الإسلامي !
وإذا نجحت تونس أن تكون على مستوى تحقيق هاته المبادرة، فسأكون سعيدا من بينكم للاحتفال بهذا الحدث التاريخي، لقد ذكرتم ذلك عديد المرات أستاذ التميمي، أن هذا الاقتراح لم يكن أبدا ضد إسبانيا، بل هو على العكس من ذلك وشكل مبسط، هو احتفال يقام ضد ظلم اقترف منذ أربعة قرون تجاه شعب مسلم يعيش أندلسيته التي عشقها من الأعماق !
س:
دعاني السفير الإسباني بتونس ومتوجها لي: يا سيد التميمي أنتم تطالبوننا بإعلان الاعتذار، وأنا أفهم قلقكم وحيرتكم، ولكن إن هذا الاعتذار وجب أن يتم الإعداد له مع المنظمات العربية والإسلامية مثل ALECSO وISISCO وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي واستوجب حضور أهم المسؤولين السياسيين في العالمين العربي والإسلامي، ووقتها يتم تنظيم احتفال كبير بهاته المناسبة. وعلى ضوء ذلك وجب الإعداد له إعدادا جيدا، وهو الأمر الغائب الآن ولعل الواجب هو تحسين المسؤولين حتى يتم الاتفاق على هاته الجدلية، ذلك أن العرب قد استثمروا المليارات بإسبانيا، ولو أن هاته الأخيرة أحست بثقل العرب اقتصاديا، فإنها ولا شك، ستتبنى موقفا يتماشى مع هذا المعطى الاقتصادي، لقد وجهت عديد الرسائل إلى العديد من المسؤولين العرب والمسلمين ولم يرد علي أحد على الإطلاق، بل ورد علي السفير الإسباني حاملا لي رسالة من الملك خوان كارلوس قائلا لي: أو هذا الاعتذار الذي تطالبون به لا يمكن أن يتم لديك في المؤسسة ! وعليه فإن هذا الاعتذار يحتاج إلى وقت حتى يتحرك هذا العالم العربي الإسلامي الغافل تماما عن هذا الاستحقاق الحضاري، ومع هذا فقد استوجب المطالبة به على الدوام، لقد نجحت الجالية اليهودية في مطلبها، أما نحن فلم نوفق حتى اليوم، ومع هذا فلست متشائما وهذا يحتاج إلى المزيد من الوقت، ويمكن أن يتحقق ذلك على يد الجيل الجديد، وسؤالي هل لديك أستاذ كاردياك رسالة أخرى ترغب في نقلها إلى الجميع عبر العالم؟
ج:
لقد أتيت إلى تونس عديد المرات حتى أبلغ رسالة لدعم نضالك واستدامة الاحتفال بالذاكرة الموريسكية.
وأريد بهاته المناسبة أن أشكر الأستاذ التميمي وأقول له مدى اعترافي العميق له، فزيارتي إلى تونس كل سنتين بحضور المؤتمرات الدولية المنتظمة هنا وهذا ما مكنني من تلقى أسباب جديدة لتطوير بحوثي وقد أتيت هاته المرة لتونس، كما كنت أزور أيضا إسبانيا، لقد ألقيتم علي عديد الأسئلة وقد أجبت عليها بكل شفافية، ذلك أن الذي يجمعنا هو هاته الصداقة والصراحة الكافية للرد على كل استفسارتك، وهناك وفاء مطلق ودائم بيننا.
س:
أرجع من جديد إلى الأعمال التي خصصناها لتكريم ميكال دي إيبلزا وصوليداد أرغواتي وقالماس دوفوانس، لقد بذلنا مجهودا استثنائيا لإعداد ذلك وقمنا بنفس الشيء بالنسبة لتكريمك أنت وكذا لغيرك، ثم أليس هذا علامة على الانفتاح العلمي من طرفنا ؟
ج:
إن الذاكرة ليس فقط تكريم أي باحث باعتباره باحثا، ولكن أيضا وبصفة أخص مساعدة الباحثين الشباب لإجراء بحوثهم وأنتم تبنيتم المسارين معا.
س:
إن الباحثين الشبان والذين برزوا هم أكثر حساسية لملف المورسيكيين، وهذا أمر هام جدا.
ج:
لو كنت شابا يمكن لو أن أقوم بتنظم هنا بعض السمينارات مع هؤلاء الشباب، ولكن سني المتقدم يمنعني من القيام، ومع هذا فإنه من اللحظة التي أضع فيها حدا لمختلف أنشطتي البحثية أرفض أن تكون لدي الحنين الغير المجدي، أنا أعلم سيد التميمي أنه بفضلك أنت، عشت هنا بتونس مغامرة رائعة عبر عديد الإقامات التي أجريتها هنا، سأحتفظ وسأبقى أحتفظ إلى الأبد بذكرى مشعة، كما سأبقى ومن أعماق نفسي وقلبي، ذكرى لقائي مع جميع الزملاء الذين تعرفت عليهم بأوروبا أو بالمغرب الكبير، إن التواصل مع هؤلاء الباحثين الموريسكولوجيين، قد أمدني على الدوام بإثراء معارفي، ولكن هناك البعض منهم قد ابتعدوا، وهذه هي قانون الحياة إذ لكل مغامرة إنسانية نهاية، وأشكر الله أنه مكنني من اللقاء بهم في لحظة ما من حياتي، وأنا أفكر بصفة أخص حول الزملاء من غرناطة واليكانت ووهران وفاس وبورتوريكو ولا شك أيضا بتونس، وإليهم جميعا أتوجه إليهم بالقول شكرا جزيلا !
س:
الأستاذ كاردياك، لا يمكنني إلا أن أشكرك على قبول دعوتي بإجراء هذا الحوار الثري والممتع، وأخيرا فإن قدرنا جعلنا نتفتح على بعضنا البعض للدفاع عن الحقيقة والمعرفة، فنحن لا ندافع عن إسبانيا أو فرنسا ولا عن المغرب الكبير، ولكننا ندافع عن الذاكرة الموريسكية والمعرفة بشكل أعم وأشمل.
ج:
أنا فخور أن يكون لدى باحث تونسي من قامتك وأنا فخور في نفس الوقت للاعتذار للجميع إذا كان خطابي محدودا جدا، وهذا بسبب انقطاعي منذ عدة سنوات لعالم البحث المتحرك، وأشعر أن هناك صفحة قد طويت وأخرى تفتح اليوم. ولا يمكنني أن أختم هذا الحوار دون أن أشكرك شخصيا الأستاذ التميمي للمبادرة التي أخذتموها بمنح كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لي الدكتوراه الفخرية.
وأنا أقدم هنا عمق امتناني للجامعة، وقد قبلت هذا التسمية لأن ذلك يدخل بطريقة رسمية التقدير المتبادل الذي نحمله معا، نعم هذا هو شكري العميق على هاته المبادرة.
س:
شكرا كثيرا أستاذ كاردياك الذي أمددتنا عبر هذا الحوار الشيق والجميل والمؤثر شهادة تاريخية، سنعمل على توزيعها على كل الموريسكولوجيين في العالم وسنقوم بتعريبه حتى يتمتع العالم العربي الإسلامي بقيمة هذا الحوار الاستثنائي.

المصدر: مؤسسة التميمي 

تنويه: الشكر الجزيل للأستاذ المحترم عبد الجليل التميمي الذي مدّنا بهذا الحوار ذو القيمة العلمية والمعنوية الرفيعة

0 commentaires :

Post a Comment

Copyright © Los Moriscos De Túnez الموريسكيون في تونس | Powered by Blogger

Design by Anders Noren | Blogger Theme by NewBloggerThemes.com