عبد الواحد براهم
هذه القصّة يرويها كتاب جديد صدر في إسبانيا بعنوان «الموريسكيون : نزاع ، طرد ومهجر» كنا أشرنا إليه باقتضاب في هذا الركن ، ونعود إليه اليوم بتفصيل أكثر. أما مؤلفه فهو الأستاذ لويس ف. برنابي بونس الجامعي المهتمّ بالدّراسات العربية والإسلامية ، مع اهتمام خاصّ بتأثير العنصر العربي الإسلامي في الأدب الإسباني وتاريخ المدجّنين والموريسكيين وثقافتهم. من بين الدّراسات الهامّة التي نشرها: «النشيد الإسلامي للموريسكي الإسباني التونسي -1988» و «مراجع الأدب المدجّن الموريسكي -1992» و«إنجيل برنابي: إنجيل إسلامي إسباني – 1995»، إلى جانب مساهمات كثيرة في أعمال مشتركة.
حدّثنا من اطّلعوا على الكتاب في لغته الإسبانية بأنه ثريّ وقيّم، لأنه عاد إلى الوثائق القديمة، أي ما كتب ونشر أيام محنة الموريسكيين وبعدها، مستدلاّ بنصوص نادرة أو قليلة الرّواج، فشرح بالاعتماد عليها ظروف إسبانيا وساكنيها وسلطتها – بل سلطاتها – وأفاض في دراسة ظروف الموريسكيين - الذين كثيرا ما يسميهم الإسبانيين – وعنائهم طيلة قرنين من الزمن، وهم في حيرة وتذبذب وقبض على الجمر، وسط بيئة معادية متعصّبة متوجّسة. وقد توقّف عند كل منطقة تواجدوا فيها فدرسها على حدة، لاختلاف أوضاع بعضها عن بعض، فمسلمو بلنسية أمرهم مختلف عن مسلمي أراغون، وهؤلاء أمرهم يختلف عن أهل غرناطة أو قشتالة. تعرّض أيضا بالإفاضة والأمثلة إلى الجانب الثقافي وإلى المؤلفات التي أنتجها أولئك المساكين طوال محنتهم، مصنّفا أنواعها ومواضيعها، ذاكرا أن أشدّ ما كان يتألّم منه الموريسكيون في كل المناطق هو التمييز الذي واجهوه ، إذ كان محظورا عليهم العديد من المناصب والأعمال والمسؤوليات ، ويورد المؤلف هنا أدلّة وشهادات تثبت هذا الأمر ، سواء بتصريحات الموريسكيين أنفسهم ، أو باحتجاجات مسيحيين غير موافقين على ذلك التمييز ، كرجل الدين الجزويتي إغناثيو دي لاي كساس والقسّ أنطونيو سوبرينو والمفكّرين بيدرو دي بالنثيا وفرنندث دي ناباريتي .
تعرّض الكاتب كذلك لعدد من الأعمال المناصرة للموريسكيين، أو على الأقلّ الرّافضة لطريقة إجبارهم على التنصّر، ومن بينها كتابات تقدّمهم في صورة أحسن مما يصوّرهم به المجتمع المسيحي الرافض لهم والكاره لوجودهم، فيقول مثلا : «لقد تزامن مع المراحل الأكثر ضغطا على الموريسكيين ظهور أعمال إسبانية أولها تاريخيا قصة بني سراج والجميلة شريفة (1560) التي قدّمت مسلمي حرب غرناطة تحت نور إيجابي مخالف للخطاب الرسمي. يلي ذلك أعمال مثل: أوثمين ودراجة في الجزء الأول من عثمان الفراشي (1599) من تأليف ماتيو أليمان، وكذلك قصة فرق الزغريين وبني سراج أو الحرب الأهلية الغرناطية (1595) لبيرث دي هيتا، وهي أعمال تدخل في تيار أسماه المتخصّص في الشؤون الإسبانية جورج سيرو منذ عام 1938: موروفيليا أدبية».
الكتاب يتكوّن في جملته من ثلاثة فصول أساسية هي :
الفصل الأول يبحث في أحوال المجتمع الموريسكي قبل الطرد، أصل المفردة مورسكو، الدين والمجتمع، الموريسكيون في إسبانيا، الثقافة الموريسكية والنزاع، الهجرة الموريسكية.
الفصل الثاني خصّصه للحديث عن القرار النهائي، مملكة بلنسية، درس إلاهي، مملكة قشتالة، أراغون، الموريسكيون المطرودون .
الفصل الثالث من عناوينه: في اتّجاه المصير النهائي، المملكة المغربية السعدية، الجزائر العثمانية، الإيالة التونسية، وتركيا.
وكما افتتح المؤلف كتابه بمقدّمة ختمه بتسلسل تاريخي وبالمراجع. وبذلك وضع بين أيدينا مرجعا علميا يتّصف بالرّصانة والجدّيّة وبالطّرافة أيضا، ونرجو أن نراه مترجما إلى اللغة العربية قريب
هذه القصّة يرويها كتاب جديد صدر في إسبانيا بعنوان «الموريسكيون : نزاع ، طرد ومهجر» كنا أشرنا إليه باقتضاب في هذا الركن ، ونعود إليه اليوم بتفصيل أكثر. أما مؤلفه فهو الأستاذ لويس ف. برنابي بونس الجامعي المهتمّ بالدّراسات العربية والإسلامية ، مع اهتمام خاصّ بتأثير العنصر العربي الإسلامي في الأدب الإسباني وتاريخ المدجّنين والموريسكيين وثقافتهم. من بين الدّراسات الهامّة التي نشرها: «النشيد الإسلامي للموريسكي الإسباني التونسي -1988» و «مراجع الأدب المدجّن الموريسكي -1992» و«إنجيل برنابي: إنجيل إسلامي إسباني – 1995»، إلى جانب مساهمات كثيرة في أعمال مشتركة.
حدّثنا من اطّلعوا على الكتاب في لغته الإسبانية بأنه ثريّ وقيّم، لأنه عاد إلى الوثائق القديمة، أي ما كتب ونشر أيام محنة الموريسكيين وبعدها، مستدلاّ بنصوص نادرة أو قليلة الرّواج، فشرح بالاعتماد عليها ظروف إسبانيا وساكنيها وسلطتها – بل سلطاتها – وأفاض في دراسة ظروف الموريسكيين - الذين كثيرا ما يسميهم الإسبانيين – وعنائهم طيلة قرنين من الزمن، وهم في حيرة وتذبذب وقبض على الجمر، وسط بيئة معادية متعصّبة متوجّسة. وقد توقّف عند كل منطقة تواجدوا فيها فدرسها على حدة، لاختلاف أوضاع بعضها عن بعض، فمسلمو بلنسية أمرهم مختلف عن مسلمي أراغون، وهؤلاء أمرهم يختلف عن أهل غرناطة أو قشتالة. تعرّض أيضا بالإفاضة والأمثلة إلى الجانب الثقافي وإلى المؤلفات التي أنتجها أولئك المساكين طوال محنتهم، مصنّفا أنواعها ومواضيعها، ذاكرا أن أشدّ ما كان يتألّم منه الموريسكيون في كل المناطق هو التمييز الذي واجهوه ، إذ كان محظورا عليهم العديد من المناصب والأعمال والمسؤوليات ، ويورد المؤلف هنا أدلّة وشهادات تثبت هذا الأمر ، سواء بتصريحات الموريسكيين أنفسهم ، أو باحتجاجات مسيحيين غير موافقين على ذلك التمييز ، كرجل الدين الجزويتي إغناثيو دي لاي كساس والقسّ أنطونيو سوبرينو والمفكّرين بيدرو دي بالنثيا وفرنندث دي ناباريتي .
تعرّض الكاتب كذلك لعدد من الأعمال المناصرة للموريسكيين، أو على الأقلّ الرّافضة لطريقة إجبارهم على التنصّر، ومن بينها كتابات تقدّمهم في صورة أحسن مما يصوّرهم به المجتمع المسيحي الرافض لهم والكاره لوجودهم، فيقول مثلا : «لقد تزامن مع المراحل الأكثر ضغطا على الموريسكيين ظهور أعمال إسبانية أولها تاريخيا قصة بني سراج والجميلة شريفة (1560) التي قدّمت مسلمي حرب غرناطة تحت نور إيجابي مخالف للخطاب الرسمي. يلي ذلك أعمال مثل: أوثمين ودراجة في الجزء الأول من عثمان الفراشي (1599) من تأليف ماتيو أليمان، وكذلك قصة فرق الزغريين وبني سراج أو الحرب الأهلية الغرناطية (1595) لبيرث دي هيتا، وهي أعمال تدخل في تيار أسماه المتخصّص في الشؤون الإسبانية جورج سيرو منذ عام 1938: موروفيليا أدبية».
الكتاب يتكوّن في جملته من ثلاثة فصول أساسية هي :
الفصل الأول يبحث في أحوال المجتمع الموريسكي قبل الطرد، أصل المفردة مورسكو، الدين والمجتمع، الموريسكيون في إسبانيا، الثقافة الموريسكية والنزاع، الهجرة الموريسكية.
الفصل الثاني خصّصه للحديث عن القرار النهائي، مملكة بلنسية، درس إلاهي، مملكة قشتالة، أراغون، الموريسكيون المطرودون .
الفصل الثالث من عناوينه: في اتّجاه المصير النهائي، المملكة المغربية السعدية، الجزائر العثمانية، الإيالة التونسية، وتركيا.
وكما افتتح المؤلف كتابه بمقدّمة ختمه بتسلسل تاريخي وبالمراجع. وبذلك وضع بين أيدينا مرجعا علميا يتّصف بالرّصانة والجدّيّة وبالطّرافة أيضا، ونرجو أن نراه مترجما إلى اللغة العربية قريب
المصدر: جريدة الشروق التونسية
0 commentaires :
Post a Comment