قال محمد العربي المساري، إعلامي وكاتب ووزير مغربي سابق، إن حدث طرد الموريسكيين، واقتلاعهم من جذورهم، كان سلبيا، ولكنه في المغرب كان له وقع إيجابي، مشيرا إلى أن الموريسكيين كان لهم تأثير واضح على نمط الحياة في البلاد، معمارا وفنا وثقافة، ونمط عيش، مازال مستمرا حتى الآن.
وأضاف المساري الذي كان يتحدث في بداية أعمال ندوة " الموريسكيين:ذاكرة متوسطية مشتركة" بمدينة الرباط، أن الأندلسيين أستطاعوا أن يطبعوا المجتمع المغربي بوجودهم، من خلال اندماجهم فيه.
وبعد أن ذكر المساري أنه نفسه متزوج بسيدة تنتمي أصولها العائلية إلى سلالية الموريسكيين، أوضح أنه بحضور الموريسكيين أصبح الأندلس جزءا من التراث المغربي، وغدا المغرب كأنه متحف للأندلس.
ودعا المساري إلى قراءة التاريخ جيدا، لتشخيص الماضي، لبناء المستقبل على أسس سليمة، واصفا العلاقات مع اسبانيا بأنها "معقدة جدا"، وتحتاج إلى مقاربة تقوم على "وضع كل حاجة في مكانها الصحيح،" وفق تعبيره.
ومن جهته أكد العربي الحارثي، منسق ندوة " الموريسكيون: ذاكرة متوسطية مشتركة"،في ورقة الأرضية التقديمية أنه " من الواجب الأخلاقي للألفية الثالثة، بتزامنها مع ذكرى مرور أربع مائة سنة على طرد ألاف من الأشخاص الذين كانوا يعيشون فوق التراب الإسباني منذ القرن الثامن الميلادي، وفي سياق اجتماعي سياسي شوهته تصورات ليبرالية جديدة، مراجعة التاريخ الموريسكي كظاهرة تاريخية اجتماعية سياسية وثقافية."
وأوضح الحارثي أنه يتعين "على هذه المراجعة أن تأخذ بعين الاعتبار أن هذا الطرد، وإن كان فعلا مأساة إنسانية، فإنه أغنى في نهاية المطاف الذاكرة الجماعية للعالم المتوسطي، وتحول إلى جسر حضاري بين الشمال والجنوب."
وأعرب الحارثي عن اعتقاده بأن هذه الندوة تعتبر "فضاء لمراجعة تاريخية هادئة وبناءة لجماعة أثرت بغيابها على إسبانيا وبحضورها على الدول التي أقامت بها، وخاصة المغرب، وجاء اندماجها ليعزز مجتمعا كان آنذاك يتميز بالتعدد الثقافي، وليغنيه بنماذج جديدة للعيش وللتفكير، التي أثرت على الاقتصاد والسياسة والثقافة والطبخ والمعمار."
وخلص الحارثي إلى القول، إنه نظرا لكون التاريخ يعتبرعنصرا من الواقع السياسي الحالي، "فسيكون من من المفيد أن تسترجع الاندلس موقعها من خلال قراءة جديدة للتاريخ قادرة على أن تجعل منها أداة للسلام والحوار ومناهضة كل أنواع التطرف".
ويسعى منظمو هذه الندوة، التي تعقدها المؤسسة الإسبانية للاحتفاء بالثقافة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ومؤسسة المعهد الدولي للمسرح المتوسطي، بتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس، وسفارة اسبانيا بالمغرب، والبيت العربي، لكي تكون صلة وصل بين المؤرخين والباحثين، والمختصين في مجالات الدراسات الموريسكية وفضاء للنقاش والحوار من أجل إعطاء نظرة أخرى وجديدة على التاريخ الموريسكي، من خلال دراسة حياتهم الدينية وأوضاعهم الاقتصادية وخصوصياتهم الثقافية.
وهذا ماعبر عنه عبد الرحيم بنحادة، عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية بقوله، إن الغرض من هذه الندوة هو الوقوف عند الدور الثقافي الذي لعبه الموريسكيون من خلال اندماجهم في المجتمع المغربي، وتأثيرهم فيه، وإسهامهم في تعزيز التعدد الثقافي بالمغرب، داعيا إلى العناية بالذاكرة المشتركة بين المغرب وإسبانيا، ووضعها في الصدارة بغية تطوير العلاقات الثنائية بينهما.
وبدوره، قال سفير اسبانيا بالرباط، لويس بلاناس بوتشاديس، إن هذه الندوة، "ستسمح بتقريبنا من ظاهرة مهمة طبعت التاريخ المغربي-الاسباني المشترك".
ووصف الدبلوماسي الإسباني حدث طرد الموريسكيين من اسبانيا، ب`"المأساة الانسانية"، التي ظلت دائما محل تحليل وبحث موسعين، وذلك في ارتباطها بمرحلة تاريخية معينة، وذهب ضحيتها الالاف من الأشخاص.
واستعرض خوسي ماريا ريداوو، كاتب وصحافي في جريدة " البايس" الإسبانية صفحات من عملية طرد الموريسكيين، معتبرا أن الدافع الإيديولوجي كان هو السبب، وأن السلطة السياسية التي وصفها ب"الظالمة"، فعلت ذلك تحت ضغوطات دينية مرتبطة بالكاثوليكية، مشيرا إلى أن المسلمين كانوا ضحايا ليس في اسبانيا وحدها، بل في أوروبا أيضا.
واستنتج خوسي ماريا ريداوو، انه لايكفي أن نلتجيء إلى الذاكرة، بل أن ندرك ما في ثنايا التاريخ من عبر لنعرف كيف نتعامل معه، تفاديا لتكرار أخطاء الماضي، التي هي في نظره،ارتكبت نتيجة أخطاء واختيارات إيديولوجية.
واشتمل برنامج الندوة، على محاضرات لباحثين وأساتذة جامعيين، مغاربة واسبان حول "قراءات التاريخ.. ذاكرات العالم الموريسكي"، و"الفضاء المتوسطي والحوار بين الثقافات" ، و"استمرارية العالم الموريسكي.. أرضية لمصالح العالم المتوسطي" .
كما شمل برنامج الندوة عرض شريط "المطرودون" وهو عمل من إنتاج ميغيل لوبيث لوركا
المصدر: صحيفة الهدهد الألكترونية
0 commentaires :
Post a Comment